227ـ حروب المؤمن ـ 2 ـ [العالم]
حلقة الاثنين 15/8/2016م
(تقديم: هدى)
(1) المضيفة: مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (227) من برنامج "حياتك الروحية" من قناة الفادي الفضائية، ومعنا القمص زكريا بطرس، مرحبا بك.
أبونا: مرحبا بك، ومرحبا بالمشاهدين الأحباء في كل العالم.
(2) المضيفة: اعتدنا أن ترفعنا بالصلاة في البداية.
أبونا: [1] بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. [2] سيدي ... آمين [3] كما أسألك يا سيدي أن تبارك حلقة هذا اليوم لتكون سبب بركة لكل من يشاهدنا. آمين.
(3) المضيفة: هل يمكن أن تذكرنا بموضوع الحلقة الماضية؟
أبونا: موضع الحلقة السابقة كان عن: حروب المؤمن أولا مع حيل الشيطان.
(4) المضيفة: وفيما ستكلمنا اليوم؟
أبونا: (1) اليوم سأتكلم عن: حروب المؤمن مع مغريات العالم. وسيشمل حديثي النقاط التالية:
1ـ المقصود بالعالم.
2ـ خطورة محبة العالم.
3ـ التحذير من العالم.
4ـ الانتصار على العالم.
(5) المضيفة: كلمنا أولا عن المقصود بالعالم.
أبونا: (1) المقصود بالعالم: هو كل ما فـي الدنيا من أشياء تجذبنا للخطية كالمغريات، والملذات، والمـال، والمقتنيات، والمطامع، والأزياء الخليعة، والتسليات الدنسة، بل وبريق ومجد العالم الفاني. * وهذا ما حاول إبليس أن يجرب به السيد المسيح كما ورد في (مت4: 8 ـ 10) "ثم اخذه ايضا ابليس الى جبل عال جدا وأراه جميع ممالك العالم ومجدها. وقال له اعطيك هذه جميعها ان خررت وسجدت لي".
* وهكذا يحاول الشيطان أيضا مع المؤمن ليخدعه ببريق العالم المزيف محاولاً إرجاعه إلى حياته القديمة.
(2) وكلمة العالم باليوناني تدعى: "كوزموس"، وتعني النظام الذي ابتدعه الشيطان وجمَّله ليحفظ الإنسان فيه بعيدًا عن الله. وهو نظام من وحي الشيطان، ويكره كل شيء مصدره الله، ومُعادٍ تمامًا له.
(3) فالعالم يعني كل ما فيه من تيارات منحرفة:
1ـ التيار المادي: ومحبة الماديات.
2ـ التيار الإباحي: وحياة الاستباحة بكل القيم.
2ـ التيار الإلحادي: وإنكار وجود الله ليتحرر من طريق الاستقامة.
(3) وقد لخص لنا الرسول يوحنا كل ما في العالم بقوله (1يو16:2) "لأن كل ما في العالم شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة"
(4) محبة العالم تعنى ان تسيطر محبة العالم وما فيه على حياة الانسان وتصبح شغله الشاغل وهدفه الجوهري وغايته القصوى، بذلك يصبح العالم او اي شئ فيه هو اله لنا لاننا نعطيه الجزء الأكبر من اهتمامنا، ونعطيه الاولوية في حياتنا، وبذلك نصبح اعداء الله، كما يقول معلمنا يعقوب الرسول في رسالته (يع4:4) إن "محبة العالم عداوة لله".
(6) المضيفة: وماذا عن خطورة محبة العالم؟
أبونا: (1) بالإضافة إلى ما ذكرته عن قول يعقوب الرسول (يع4:4) إن "محبة العالم عداوة لله فمَنْ أراد أن يكون مُحبًا للعالم فقد صار عدوًا لله"
(2) قال الرسول يوحنا (1يو 2: 15): «إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب»
(3) والسيد المسيح وضح جانبا آخر من خطورة محبة العالم بقوله في (مر4: 19) "هموم هذا العالم وغرور الغنى وشهوات سائر الاشياء تدخل وتخنق الكلمة فتصير بلا ثمر". أي أن محبة العالم تقضي على تاثيرات كلمة الله في حياتنا.
(4) ومن أقوال القديس الأنبا أنطونيوس عن محبة العالم ومقتنياته قال: "من يحب الخطية يحب المقتنيات الكثيرة، ويهمل البرّ، ولا يفكر في زوال الحياة وعدم ثباتها وقصر أجلها، ولا يتذكر حتمية الموت. وإن أظهر الإنسان عدم الحياء هذا، والنقص في الإحساس حتى بلوغه الشيخوخة، فإنه يكون كشجرة متعفنة لا نفع لها".
(7) المضيفة: وما هي التحذيرات من محبة العالم؟
أبونا: (1) يحذرنا يوحنا الحبيب من محبة العالم قائلا: (1يو15:2) "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم"
(2) ويقول أيضا في نفس الرسالة (1يو17:2) "العالم يمضى وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد".
(3) وبولس الرسول يقول (1كو31:17): "ويكون الذين يستعملون العالم كأنهم لا يستعملونه، لأن هيئة هذا العالم تزول".
(4) ويحذرنا بطرس الرسول في (2بط2: 22) من العودة إلى العالم، وأعطى لذلك تشبيها صعبا، قائلا "قد اصابهم ما في المثل الصادق كلب قد عاد الى قيئه وخنزيرة مغتسلة الى مراغة الحماة".
(5) وقال السيد المسيح أيضا في (مت16: 26) "لأنه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه".
(6) وحذرنا من محبة العالم قائلا في (مت6:24): "لا تقدرون أن تخدموا الله والمال". وفي قصة الشاب الغني، نري أن الشاب مضى حزينًا، لأنه كان ذا أموال كثيرة" (مت19:22).
(7) إن خطية محبة العالم منتشرة الآن بين المؤمنين انتشاراً يدعو إلى الدهشة والخوف، ويجب أن ننتبه لأنفسنا.
(8) يقول القديس أغسطينوس: "يوجد نوعان من المحبة: محبة الله، ومحبة العالم.
إذا ملكت فينا محبة العالم، لن يوجد موضع لمحبة الله فينا. أطردوا محبة العالم من قلوبكم لتسكن فيكم محبة الله. أفسحوا الطريق لما هو أفضل. كفوا عن محبة العالم وسوف تبدأ محبة الله أن تسكن فيكم. إذا أفرغتم قلوبكم من المحبة الأرضية سوف ترتوون من المحبة الإلهية. وتبدأ المحبة المسيحية تسكن فيكم".
(9) وأكمل قائلا: هل ترغبون في محبة الآب لكي تشتركوا في ميراث الابن؟ إذاً لا تحبوا العالم. أطردوا محبة العالم الشريرة حتى تمتلئوا بمحبة الله. أنتم أوعية، لكنكم مازلتم أوعية ممتلئة. أسكبوا الذي فيكم لكي تتقبلوا ما ليس فيكم. حسن لنا جداً أن لا نحب العالم، وإلا تحولت الأسرار المقدسة فينا إلى دينونة بدلاً من أن تكون وسائل تساعدنا على الخلاص".
(8) المضيفة: كيف يمكن الانتصار على العالم؟
أبونا:
(1) الجهاد ضد محبة العالم لا يمكن أن ينجح بدون مؤازرة وعمل النعمة، أي عمل روح الله القدوس، في طبيعتنا البشرية الساقطة، لتصير مقدسة بنعمته.
(2) ونرى في السيد المسيح مثالا في الانتصار على مغريات العالم عندما تعرض للتجربة:
1- بشهوة الجسد حين قيل له: "إن كنت ابن الله فقل أن تصير الحجارة خبزاً". لكن كيف صدَّ الرب المُجرب وعلَّم جنوده فنون الحرب؟ لاحظوا ماذا قال له: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله".
2- وتعرض أيضاً لتجربة شهوة العيون، حين قال له: "اطرح نفسك إلى أسفل لأنه مكتوب أنه يرسل ملائكته ليحملونك على أيديهم لئلا تصدم بحجر رجلك". وقد قاوم الرب المجرب ولم يصنع المعجزة، لأنه لو صنعها لكان يبدو أنه اذعن للشيطان أو صنعها كنوع من لفت النظر. لأنه يصنع المعجزة كإله وقتما يريد، لكي يشفي الضعفاء. لاحظوا كيف أجاب حتى حين تتعرضون لتجربة مشابهة تجيبون بنفس الكلمات: "أذهب عني يا شيطان لأنه مكتوب لا تجرب الرب لهك".
3- وتجرب الرب بتعظم المعيشة؟ حين أخذه ابليس إلى مكان عال وقال له: "أعطيك كل هذه إن خررت وسجدت لي". من قمة المملكة الأرضية، أراد الشيطان أن يجرب ملك الدهور، ولكنه سحق الشيطان تحت أقدامه. لقد انتصر بقوله: "مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد".
(3) إذا تمسكنا بهذا، لن تبق فينا شهوة جامحة نحو العالم. وبالتالي لن نُُستعبد لشهوة الجسد أو شهوة العيون أو تعظم المعيشة. وسوف نفسح مكاناً لمحبة الله. لأنه إذا وجدت محبة العالم، لن توجد محبة الله. تمسَّك بشدة بمحبة الله.
(9) المضيفةة: هناك آيات تتكلم عن محبة الله للعالم، فهل يمكن تفسير ذلك على ضوء الآيات السابقة؟
أبونا:
(1) نعم توجد آيات تحثنا على محبة العالم، ولكنها لا تتعارض مع تلك الآيات التي تحذر من محبة العالم.
(2) مثل قول السيد المسيح في (يو3: 16) "لأنه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية"
(3) قلت أن هذا لا يتعارض مع الآيات التي تحذر من محبة العالم لاختلاف دلالة لفظة العالم في كلتا الحالتين:
(5) فالعالم الذي يحذرنا منه الكتاب، هو ما فيه من مغريات وشهوات وأشياء تبعدنا عن الله.
(6) أما العالم الذي أحبه الله فهو الناس الذين فيه الذين خلقهم على صورته.
(7) إذن فليس هناك تناقض على الإطلاق.
المداخلات
(10) المضيفة: شكرا جزيلا على هذا لشرح الواضح. هل يمكن أن نأخذ بعض المداخلات؟
أبونا: (1) يسعدني سماع مداخلاتكم وتعليقاتكم.
ختام
(11) المضيفة: شكرا أبونا، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين لتواجدكم معنا في هذا البرنامج، وإلى اللقاء في حلقات قادمة. هل يمكن أن تباركنا بصلاة ختامية؟
أبونا: أولا: الصلوات الختامية:
(1) أطلب من أجل: موضوع الحلقة أن تستخدمه لخير النفوس وخلاصها.
(2) كما أطلب من أجل كل المشاركين والمشاهدين أن تباركهم.
(3) وأصلي من أجل قناة الفادي: أن تبارك خدمتها وتبارك الفريق العامل فيها، وتعوضهم عن تعب محبتهم.
(4) كما أطلب من أجل المعضدين للقناة بالصلاة أو التبرعات، لتستمر في خدمتها.
(5) وأصلي من أجل: [..] وضعفي، وكل مقدمي البرامج في القناة، ليتمجد اسمك من خلالنا،
(6) اذكر يارب كل الذين طلبوا منا أن نصلي من أجلهم: [الأسماء المكتوبة ..] آمين.
ثانيا: البركة الختامية:
(1) والآن محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم.
(2) وإلى اللقاء في برامج القناة اليومية. سلام معكم. آمين.
