122ـ التكريس
التكريس كقرار يتخذه المؤمن
حلقة الثلاثاء 29/4/2014
(تقديم: نتالي)
(1) المضيفة: مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (122) من برنامج "حياتك الروحية" من قناة الفادي الفضائية، ومعنا القمص زكريا بطرس، مرحبا بك.
أبونا: مرحبا بك، ومرحبا بالمشاهدين الأحباء في كل العالم.
(2) المضيفة: اعتدنا أن ترفعنا بالصلاة في البداية.
أبونا: (1) بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. (2) كما أسألك أن تبارك حلقة هذا اليوم لتكون سبب نمو لنا جميعا. آمين.
(3) المضيفة: قد بدأت معنا سلسلة مراحل الحياة الروحية، وتعودنا أن تعيد ذكر هذه المراحل مرة أخرى.
أبونا: مراحل الحياة الروحية، مبينة في هذا (الرسم البياني) التالي، وهي:
1ـ قبول المسيح
2ـ والثبات في الرب
3ـ النمو الروحي
4ـ النضوج الروحي
5ـ خدمة النفوس
6ـ وقيادة فريق للعمل الروحي
(4) المضيفة: هل يمكن أن تذكرنا بموضوع الحلقة الماضية؟
أبونا: بدأنا الجزء الثانى من مرحلة النمو، عن سيادة الملك المسيح.
(5) المضيفة: وفيم ستكلمنا اليوم؟
أبونا: (1) إن من تتجلى أمامه حقيقة شخصية رب المجد يسوع المسيح كملك الملوك ورب الأرباب وسيد كل خليقة ، لا يملك إلا أن يكرس حياته بجملتها له ..
(2) وموضوع اليوم ، يكلمنا عن التكريس كقرار يتخذه المؤمن
وسأركز على النقاط التالية:
1ـ مفهوم التكريس
2ـ لمن يكون التكريس
3ـ جوانب التكريس
(6) المضيفة: ما هو مفهوم التكريس؟
أبونا: لا يقتصر مفهوم التكريس ، كما هو شائع فى أذهان البعض على أنه مجرد التفرغ للقيام بعمل روحى أو كنسى ، ولكن التكريس بمعناه الأشمل ، هو إعطاء النفس للرب ، ليسود عليها ، إذ تصبح ملكاً له ، وله وحده .. ولقد أشار الكتاب المقدس لمعانى التكريس بتعبيرات عدة منها :
(1) إعطاء النفس للرب :
1ـ قال معلمنا بولس الرسول عن أهل مكــدونية أنـهم : " أعطوا أنفسهم أولاً للرب " (2كو 8 : 5)،
2ـ ونراه أيضاً يوصى المؤمنين قائلاً : " أطلب إليكم أيها الأحباء برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية " (رو 12: 1) ،
3ـ ويوضح الرسول هنا أن تقديم النفس لله يتم على أساس ذبح مشيئتها وإرادتها لتسرى فيها مشيئة الله ، وتعيش لإرادة السيد ، وتتمم مقاصد العلى ، لذلك قال : " قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات ، وأعضاءكم آلات بر لله " (رو 6 : 13)
4ـ النمو الروحى غايته تقديم النفس ذبيحة على مذبح التكريس ، لتعيش العمر الباقى " لا لنفسها بل للذى مات لأجلها وقام .. " (2كو 5 : 15)
5ـ فالتكريس هو إعادة الشئ لصاحبه ، فأنت حينما تستعير كتاباً من أحد أحبائك ، وقد تنسى الكتاب لفترة .. لكنك حينما تراه فى مكتبتك فأنت تسرع على الفور لترجعه إلى صاحبه .. كذلك تكريس القلب هو إعادته إلى صاحبه وهو الرب يسوع الذى خلقه فلا يعود المؤمن ملكاً لذاته بل يصبح وكيلاً عليها .. ثم يأتى اليوم الذى فيه يقول له الرب اعطى حساب وكالتك (لو 16 : 2).
(2) تخصيص النفس لله :
1ـ عبرَّ السيد المسيح فى صلاته الشفاعية عن تكريس نفسه وتخصيصها أى تقديسها من أجل خاصته قائلاً : " لأجلهم أقدس أنا ذاتى ( أى أخصصها وأكرسها ) " (يو 17 : 19)
2ـ وقد جاءت كلمة [ التقديس ] بمعنى " التخصيص " فى صدر الحديث عن تكريس هرون والكهنة إذ قال : " وهرون وبنيه أقدسهم ( أى أخصصهم ) لكى يكهنوا لى " (خر 29 : 43)
3ـ مما سبق نرى أن التكريس هو ذبح النفس وتقديمها لله ، وتخصيصها له ، ليملك ويسود عليها وحده .. كما قال معلمنا بولس الرسول : " لأن ليس أحد منا يعيش لذاته ولا أحد يموت لذاته .. لأننا إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن .. لأنه لهذا مات المسيح و قام وعاش لكي يسود على الأحياء و الأموات " (رو 14 : 7 ـ 9)
(7) المضيفة: لمن يكون التكريس؟
أبونا: (1) التكريس لشخص المسيح :
1ـ إذ يتحقق المؤمن من روعة المسيح ، وجدارته بأن يعطيه حياته ، يقدم عن طيب خاطر وبكل اقتناع عقله وقلبه على أن يتخذ قرار تكريس حياته بالكامل لسيده ، الذى أصبح مركز حياته ، ومحور وجوده ، والحى فى كيانه بديلاً لذاته ، لذا قال معلمنا بولس " لأن لىَّ الحياة هى المسيح .. " (فى 1 : 12)
2ـ وبصفة كلية نقول أن الشخص المكرس هو الذى ينصِّب السيد المسيح ملكاً وسيداً على كل شئ ، عالماً أن " فيه خلق الكل ما فى السموات وما على الأرض .. ما يُرى وما لا يُرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم سلاطين .. الكل به وله قد خُلِقَ ، وهو رأس الكنيسة الذى هو البداءة بكر من الأموات لكى يكون هو متقدماً فى كل شئ .. " (كو 1 : 16 ، 18)
3ـ لاحظ أن الذى خلق كل شئ هو المسيح ، كما أن كل شئٍ قد خُلِقَ لــه هو شخصياً .. والهدف من ذلك هو أن يكون هو متقدماً أى سيداً وصاحب سلطان بالحب وليس بفرض القوة والجبروت والاستعلاء على الآخرين ..
(2) التكريس لكلمة المسيح :
1ـ من منطلق التكريس للرب يسوع المسيح كسيد على الحياة ، يأتى التكريس لكلمته ، كتجسيد لفكره ، فيصبح لها السلطان المطلق على حياة المؤمن المكرس ، إذ يخضع لها خضوعاً كاملاً بلا مجادلة ، وتصبح المرجع الأول والأخير فى حياته ، ويكون لها المقام الأسمى عنده .. بصفتها :
* غذاء روحــه . * سلاح نفسـه . * مصباح طريقه . * دستور حياته .
2ـ وإذ قد كفَّ المكرس عن عمل مشيئة ذاته ، وقرر أن يعمل مشيئة الله ، يقول مع المرنم : " إن أفعل مشيئتك يا إلهى سررت وشريعتك فى وسط أحشائى " (مز 40 : 8) ، فالطريق لمعرفة مشيئة الله من جهة كل ما يواجه المؤمن ، معلن فى كلمة الله ..
(3) التكريس لكنيسة المسيح :
1ـ الكنيسة هى جسد المسيح كما قال الكتاب : " وأخضع كل شئٍ تحت قدميه ، وإياه جعل رأساً فوق كل شئٍ ، للكنيسة التى هى جسده ملء الذى يملأ الكل فى الكل .. " (أف1 : 22 ، 23)
2ـ فيحيا المؤمن فى الكنيسة ويخدم ، ليس من أجل مديح البشر أو تقدير القادة ، بل من أجل الرب ولأجل تمجيد اسمه .. كما نقول فى القداس الإلهى : [ كى بهذا كما أيضاً فى كل شئٍ يتمجد ويتبارك ويرتفع اسمك القدوس فى كل شئٍ كريم أنت ومبارك مع يسوع المسيح ابنك الحبيب والروح القدس]
3ـ وقرار التكريس للكنيسة يشتمل على أمور جوهرية، هى:
أ ) تحديد الانتماء :
أى الارتباط العائلى بأسرة الله ، كما قال معلمنا بولس الرسول : " فلستم إذاً بعد غرباء ونزلاء بل رعية مع القديسين ، وأهل بيت الله .. " (أف 2 : 19) ، وبهذا الانتماء يصبح المؤمن :
أ ـ عضواً فى عائلة الله
ب ـ عضواً فى جسد المسيح
ج ـ حجراً فى هيكل الروح القدس
(8) المضيفة: كيف يمارس المكرس عضويته في الكنيسة؟
أبونا: (1) بمعنى أن يعطى المكرس نفسه للكنيسة ، فلا يكون انتمائه قراراً نظرياً مع إيقاف التنفيذ. بل يكون ممارسة عملية لعضويته فى هذه العائلة ، وهذا الجسد ، فيعرف موقعه فى هذا الجسد ويقوم بدوره بحسب هذا الموقع ..
(2) كما يكون حريصاً على الخضوع لقيادة الكنيسة والمرشدين الروحيين .. (عب 13 : 17) ، (3) وكذلك يكون المكـرس متعاونـاً مع جميع الأعضاء فى محـبة صادقـة مخلصة (1كو12: 12 ـ 17)
(9) المضيفة: هل هناك بُعْدٌ آخر للتكريس؟
أبونا: (1) التكريس لامتداد ملكوت المسيح :
1ـ فيخدم كل الناس بغض النظر عن دينهم أو لونهم أو عقيدتهم ، فهو كسيده يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون.. فلا يتقوقع فى خدمته داخل الكنيسة فقط ، ويذهب للبعيدين والذين ليس لهم أحد يذكرهم .. كـما قال الرب يسوع : " ولى خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة ينـبغى أن آتـى بـتلك أيضاً فتسمع صوتى ، وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد .. " (يو 10 : 16)
(2) ويشارك المكرس فى امتداد ملكوت المسيح بوسائل متعددة ، منها :
1ـ الشهادة للمسيح :
تنفيذاً لوصية المسيح : " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم ، وتكونون لى شهوداً فى أورشليم ، وفى كل اليهودية ، والسامرة ، وإلى أقصى الأرض .. " (أع 1 : 8)
2ـ الكرازة بالقدوة :
كقول الرب: "فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكى يروا أعمالـكم الحسـنة ، فيمجدوا أباكـم الذى فى السـموات" (مت 5 : 6)
(10) المضيفة: ما هي جوانب التكريس للمسيح؟
أبونا: (1) تكريس القلب له :
1ـ تنفيذاً لوصية الكتاب : " يا ابنى اعطنى قلبك"(أم23 : 26)
2ـ والقلب فى لغة الكتاب المقدس ، هو أعماق الإنسان ، وعاطفته .. أى التكريس الحقيقى الجوهرى ، لا مجرد التكريس المظهرى الخارجى ..
(2) تكريس الجسد له : أى اعتبار الجسد ملكاً للمسيح ، وليس ملكاً لشخصى. "فاطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية" (رو12: 1)
(3) تكريس البيت له : "وأما أنا وبيتى فنعبد الرب" (يش 24 : 25) ، فلا تصبح زوجتى ملكاً لى أفعل بها ما أريد من إهانة وتجريح .. بل تكون ملكاً للمسيح ، وسأعطى عنها حساباً فى اليوم الأخير .. وكذلك أولادى ، وكل ما فى بيتى.
(4) تكريس الوقت له: فالوقت لا يصبح ملكى ، بل ملك المسيح ، سواء فى وقت العشرة مع المسيح أو العمل أو النزهة، فلا يضيع فى أمور العالم الفانى فأقضى الساعات أمام التليفزيون أو فى أحاديث فارغة لا تمجد الله ، بل يجب أن أفتديه .. أى أنقذه من الضياع كما أفتدانا المسيح وأنقذنا من الضياع .. لذا قال الكتاب : "مفــتدين الوقت لأن الأيـام شريرة .. " (أف 5 : 16)
(5) تكريس المال للمسيح: أى اعتبار مالى ومقتنياتى ، ملكاً للمسيح ، وما أنا إلا مجرد وكيل على مال الرب الذى وكلنى عليه .. وسأعطى يوماً حساب وكالتى (لو 16 : 2)
(6) تكريس الجهود لخدمته: فالإنسان المكرس هو الذى يخصص جهوده لخدمة الرب، ولسان حاله يقول مع إشعياء النبى : " ها أنذا أرسلنى " (إش 6 : 8) ، كما كتب معلمنا بولس الرسول لأهل روميه : "بولس عبد ليسوع المسيح المدعو رسولاً المفرز لإنجيل الله .. " (رو 1 : 1)
طلبتى إلى الله أن يعطينا الحياة المكرسة المفرزة له ، فنتبعه مخصصين له الكل كملك وكسيد على الحياة كل الحياة. آمين .
(11) المضيفة: ما هو التدريب الروحى للأسبوع:
أبونا: (1) حفظ آية : (رو 12 : 1) "فأطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية " (رو 12 : 1)
(2) المواظبة على الخلوة اليومية: (1تس 2).
(12) المضيفة: ما هي تدريبات الأسبوع؟
أبونا: (1) حفظ آية: (غل2: 20) "مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فىَّ، فما أحياه الآن فى الجسد، فإنما أحياه فى الإيمان، إيمان ابن الله الذى أحبنى وأسلم نفسه لأجلى" (غل2: 20)
(2) المواظبة على الخلوة اليومية: (1تس 1).
(13) المضيفة: شكرا جزيلا، هل يمكن أن نأخذ المداخلات. أرجو من الأحباء المشاهدين أن يتصلوا بنا على أرقام التليفونات الموضحة على الشاشة.
المداخلات
أبونا: أرجو أن تكون المداخلات تعليقات على موضوع الحلقة، ويسعدنا المشاركة في تأملات الخلوات. وأيضا سماع الآيات التي حفظناها.
ختام
(14) المضيفة: شكرا أبونا، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين لتواجدكم معنا في هذا البرنامج، وإلى اللقاء في حلقات قادمة. هل يمكن أن تباركنا بصلاة ختامية؟
أبونا: (1) باسم الآب والابن والروح القدس ... (2) محبة الله الآب ... سلام.