609ـ حلقة خاصة عن رحيل ملاك جبل المقطم
(القمص سمعان إبراهيم)
الجمعة 13/10/2023م
(1) مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (609) من "برنامج معرفة الحق" على الهواء مباشرة، من قناة الفادي الفضائية.
(2) دعونا نرفع طلبة في بداية البرنامج: بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
إلهنا الحي أبونا الحنان، أسألك أن تبارك حلقة هذا اليوم لتكون سبب بركة لكل من يشاهدنا. آمين.
(3) اليوم حلقة خاصة عن رحيل ملاك كنيسة المقطم بالقاهرة.
انطلق إلى الفردوس حبيبُـنا وحبيبُ الملايين في كل العالم القمص سمعان إبراهيم خادم الرب وكاهن كنيسة القديس سمعان الدباغ بجبل المقطم.
ودعوني ألقي بعض الأضواء عن لمحات من حياته وجهاده غير المسبوق،
ولكن قبل أن أتكلم عن ذلك اسمحولي أن أنشد فيه هذه القصيدة معبرا عن مشاعري القلبية نحو هذا البطل والرائد من رواد التنوير في عصرنا الحاضر، فأقول:
1ـ كيف سقطتَ يا نَسرَ الجبالِ؟ يا ملاكَ المقطم؟
2ـ يا من حفرت على جدار الزمان إسما مكرم
3ـ هل يموتُ الملائكة؟ هل يفنى أبناءُ المعظم؟
4ـ كلا ليس هو موتٌ بل انتقالٌ إلى مجدٍ أعظم
5ـ طوباك يا نجما ساطعا، فمنك نتعلم وعنك نتكلم
******
6ـ نتكلم عن بساطة روحك وقوةَ الإيمانــي
7ـ ونذكر بالـفـخـرِ أمانتَـك وجهـدَك المتفاني
8ـ حولت الزرائبَ مزارا عالميا ببراعة الفنانِ
9ـ نَحَتَّ في الصخرِ كنائسَ بقبابٍ وصلبانِ
10ـ والأهمُّ غيَّرت القلوبَ وأنرت أعينَ العميانِ
11ـ كم معجزاتٍ صنعت، وحررتَ من الشيطانِ
12ـ كنت أسطورةً وقدوةً في هذا الزمانِ
13ـ فليس مستغربا أن يهيجَ عليك كلُّ جاهلٍ غفلانِ
14ـ وأرادوا تشويه صورتِك بالكذبِ والبهتانِ
15ـ خسئت وجوهُهم والتحفوا بالعار والخزلانِ
16ـ عـشـت مخـلصا لفـاديـك وربِــك الحـنـانِ
17ـ وشعارُك: أما أنا وبيتي فنعبدَ الرحمانِ
18ـ فشريكتك فارسةٌ، عن جدارةٍ بين الفرسانِ
19ـ وأبناؤك بعائلاتهم، فخرُ الشبابِ وزينةُ الأزيانِ
20ـ نم حبيبي مستريحا من أتعابك، وافرح بالرب والتيجانِ
21ـ واذكرنا أمام العرش، حتى نلتقي في حضرته بالأحضان
22ـ ولإلهِنا المحبِّ، الكرامةُ والمجدُ الدائمُ الآن وكلَّ أوانِ
23ـ وإلى دهر الداهرين آمين
24ـ نعم قولوا آمين يا أحبائي المؤمنين
******
- جاءني يوما في كنيسة مار مرقس بشارع كليوباتره في مصر الجديدة حيث كنت أخدم الرب، في بداية السبعينات من القرن الماضي شاب نحيل يسألني المساعدة في خدمة تثقَّــل بها من قبل الرب.
- عرَّفني بنفسه: إسمه الأخ فرحات إبراهيم، قال لي إن الرب دعاه لخدمة أناس مهملين، يقطنون إحدى قمم جبل المقطم في منطقة تعرف بالزبالين، الذين يجمعون الزبالة من بيوت القاهرة.
- وقال لي عن مدى إحتياجهم للخدمة فهم أعداد غفيرة، يعيشون على فرز الزبالة وبيع ما فيها من أواني بلاستيكية أو معدنية، ويربون الخنازير على هذه القمامة، ويبيعونها لمحلات تضنيع المرتدلة.
- ومشكلتهم الكأداء أنهم مدمنون الخمر والمخدرات، ولا يعرفون يمينهم من شمالهم جهلا، علاوة على أخلاقهم الهابطة.
- وحدثني عن اختبار دعوة الرب له للخدمة في هذه المنطقة عن طريق الزبال الذي يأخذ زبالة بيته في شبرا أحد أحياء القاهرة، وكان قد تثقل الأخ فرحات بتقديم المسيح له، وبعد قبوله للمسيح دعى الأخ فرحات ليفعل نفس الشئ لجماعة الزبالين بالمقطم، فذهب.
- وقد أيد الرب هذه الدعوة عندما ذهب الأخ فرحات إلى تلك المنطقة وبينما هو يصلي فوق قمة أحد التلال بالمنطقة هبت عاصفة عاتية دفعت أوراق من أسف الجبل تطير في الهواء وقذفت أمامه بقصاصة ورق صغيرة تحمل آيتين من سفر الأعمال مكتوب فيها: "قَالَ الرَّبُّ لِبُولُسَ بِرُؤْيَا فِي اللَّيْلِ: لاَ تَخَفْ، بَلْ تَكَلَّمْ وَلاَ تَسْكُتْ لأَنِّي أَنَا مَعَكَ ... لأَنَّ لِي شَعْبًا كَثِيرًا فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ" (أع 18: 9 و10)
- وقد استطاع بمحبته وتواضعه وبذله لذاته أن يربح صداقة هذه الفئة من الناس بعدة وسائل.
- فقد كان ينتظر عند سفح الجبل، العربات التي تجرها الحمير ليساعدها على صعود المدق الجبلي الطويل، وذلك بأن يدفع عربة الزبالة، مساعدة للحمار المسكين الذي يجرها وهي محملة بأكوام الزبالة.
- وكان يقضي نهاره بين هؤلاء الناس يفتقدهم في منازلهم المصنوعة من الصفيح والتي تحتوي إلى جوار الزبالة، على الخنازير بقذارتها ورائحتها الكريهة.
- وقد دعاني لزيارة المكان عدة مرات، وفي كل مرة أعود إلى بيتي في مصر الجديدة لأدخل مباشرة إلى الحمام لأغير ثيابي التي تعبأت بأتربة الزبالة ورائحة الخنازير، ولا أبالغ إن قلت أن رائحة الشقة كانت تظل أسبوعا لا تطاق.
- فكنت أندهش كيف يتحمل الأخ فرحات قضاء كل أيام الأسبوع في هذه البيئة الملوثة.
- وقد استخدمه الرب بقوة في خدمة لا نظير لها، وربح نفوسا من هؤلاء المشردين لملكوت المسيح.
- وقد رشحت الأخ فرحات ليكون كاهنا لخدمة هذه النفوس الغالية على قلب الرب.
- ونشكر الله أن المتنيح البابا شنودة الثالث قبِـل ذلك، وقام برسامة الأخ فرحات كاهنا بإسم أبونا سمعان نسبة إلى القديس سمعان الدباغ الذي تمت معجزة نقل جبل المقطم على يديه.
- واستطاع أبونا سمعان أن يحول الزرايب إلى تحفة فنية ومزارا عالميا تحتوي على عدة كنائس منحوتة في الصخور.
- ومنها أكبر كنيسة في العالم منحوتة في الجبل.
- وتطورت المنطقة بفضل مجهوداته.
- ورشح كهنة كثيرين من أبناء المنطقة يخدمون معه بني جلدتهم.
- وبدأت نهضة روحية فريدة واجتماعات وعظ وليالي صلاة وتسبيح وعبادة.
- ومما يذكر بكل فخر إجتماع الصلاة العالمي الفريد يوم 11/11/2011م الذي حضره في كنيسة الجبل حوالي 25 ألف مؤمن علاوة على من شاركوا من خلال القنوات الفضائية والإنترنيت.
- ولا ننسى الحديث عن مجموعات التلمذة الروحية للعديد من الشبان والشابات.
- لقد عظم الرب الصنيع مع هذا القديس المعاصر وشركائه من الآباء الكهنة المباركين والخادمات والخدام المحبوبين.
- فانعم يا حبيبي بترحاب الرب القائل لك: "نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك" (مت25: 21)
- عزاء لجميع أفراد أسرتك المباركة ولشعب الكنيسة المتألمين لفراقك بعد خدمتك لهم نصف قرن من الزمان.
- وليعزينا جميعا الروح القدس المعزي. ولعيننا كما أعانك.
- أذكرنا يا قديس العلي في صلواتك إلى أن نلتقي حول عرش المسيح الحبيب الذي له المجد الدائم إلى الأبد آمين.
