100ـ الله أب الله أب موجود فى الوجود والقلب
(كيف أثبت في المسيح الجزء الثاني)
حلقة الثلاثاء 5/11/2013م
(تقديم: حسين)
(1) المضيف: مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (100) من برنامج "حياتك الروحية" من قناة الفادي الفضائية، ومعنا القمص زكريا بطرس، مرحبا بك.
أبونا: مرحبا بك، ومرحبا بالمشاهدين الأحباء في كل العالم.
(2) المضيف: اعتدنا أن ترفعنا بالصلاة في البداية.
أبونا: (1) بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. (2) إلهي يامن أنت موجود في كل الوجود ولا يخلو منك مكان، كم أشكرك لأنك أشرقت بنورك في حياة الكثيرين فرأوك مودا أيضا في قلوبهم وكيانهم بعد أن طلبوا سكناك في داخلهم. أرجوك يا سيدي أن لا تحرم أحدا من هذه النعمة العظمى. آمين (3) وأسألك يارب أن تبارك حلقة هذا اليوم لخير الجميع آمين.
(3) المضيف: قد بدأت معنا سلسلة مراحل الحياة الروحية، وتعودنا أن تعيد ذكر هذه المراحل مرة أخرى.
أبونا: الشكر على المساهمة في تسديد ديون القناة عن هذا الشهر ....
(2) مراحل الحياة الروحية، مبينة في هذا (الرسم البياني) التالي، وهي:
1ـ قبول المسيح
2ـ والثبات في الرب
3ـ النمو الروحي
4ـ النضوج الروحي
5ـ خدمة النفوس
6ـ وقيادة فريق للعمل الروحي
(4) المضيف: هل يمكن أن تلخص موضوع الحلقة السابقة من مرحلة الثبات في المسيح؟
أبونا: تكلمت عن الله أبٌ يحفظ ميراثك وركزت الحديث فى ثلاث نقاط:
1) الميراث هبــــــة إلهيـــة .
2) والله يحمينا لهذا الميراث حمايــــة أبويــة .
3) وعلينا أن نتمم الإلتزامات الحتمية .
(5) المضيف: وفيما ستكلمنا اليوم؟
أبونا: (1) واليوم أتكلم عن: الله أبٌ موجود فى الوجود والقلب. وسأركز الحديث عن:
1ـ أسباب الشك والإلحاد
2ـ طريق الإيمان والأمجاد
(6) المضيف: لنبدأ بأسباب الشك والإلحاد، فما هي؟
أبونا: (1) الواقع أن الحروب الشيطانية التى يتعرض لها المؤمن تتخذ صوراً متعددة .. ويستخدم الشيطان فيها أسلحة متنوعة ..
(2) ومن بين أخطر هذه الحروب الشرسة، حرب التشكيك فى حقيقة وجود الله، فيطرح هذا السؤال: هل الله موجود حقاً أم أنه مجرد رمز للخير، وفكرة جميلة موجودة فقط فى خيال رجال الدين والمتدينين؟
(3) والحقيقة أن الشيطان بهذا يريد أن يضرب أساس الحياة الروحية بجملتها ..
(4) ورغم أن المؤمن قد قَبِلَ الرب فى قلبه، ووثق أنه موجود فى داخله، إلا أنه قد يتزعزع إيمانه أمام صوت التشكيك هذا ..
(5) وعلاجا لهذا الأمر سأركز الحديث فى كما قلت حول جانبين:
1ـ أسـباب الشك والإلحاد .
2ـ طريق الإيمان والأمجاد .
أولاً: وأسباب الشك والإلحاد كثيرة منها:
1) الجــــــهل
2) الخطية والكبرياء
3) عبـــادة المال
4) المقاييس العقليـة
(7) المضيف: كيف يكون الجهل سبب الإلحاد؟
أبونا: (1) يقول المرنم فى المزمور(مز14: 1): "قال الجـاهل فى قلـبه ليس إله"، فالجهل هو أهم أسباب الإلحاد وإنكار وجود الله
(2) وليس المقصود بالجهل هو الأمية، إنما المقصود هو عدم الدراية وعدم المعرفة الروحية. إذ يوجد أناس متعلمين بعلوم الدنيا وينكرون وجود الله. وهى ما قال عنه الكتاب (1كو2: 14): "الإنسـان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جـهالة"
(8) المضيف: حدثنا عن السبب الثاني وهو الخطية والكبرياء؟
أبونا: (1) هذه ثغرة أخرى من ثغرات الشك فى وجود الله، إذ يقول الكتاب (مز10: 4): "الشرير حسب تشامخ أنفه يقول لا يطالب، كل أفكاره أنه لا إله" [وفي الترجمة التفسيرية: "فِي تَكَبُّرِهِ وَتَشَامُخِهِ لاَ يَلْتَمِسُ اللهَ، وَلاَ مَكَانَ لِلهِ فِي أَفْكَارِهِ كُلِّهَا]،
(2) فالشر يطمس عين الإنسان الروحية، فلا يستطيع أن يبصر نور الرب، كما أن الكبرياء يسبب تضخماً فى الذات، فتحجب رؤية الله، لذا قال الفيلسوف الوجودى الملحد برتراندرسل: [أنا موجود إذن فالله لا بد أن يكون غير موجود]
(3) فالشرير هنا يشبه النعامة التى تضع رأسها فى التراب متوهمة أنه لا صياد، فيأتى الصياد ويقتنصها فريسة سهلة"
(4) لذا فالخطية والكبرياء هما سر من أسرار إنكار وجود الله، كما قال القديس أغسطينوس:
[إن الملحدين ينكرون وجود الله بسبب شهواتهم]
(9) المضيف: وماذا عن عبادة المال وتأثيرها في الإلحاد؟
أبونا: (1) يقول سليمان الحكيم الذى كان لديه الغنى بوفرة لم تكن لشخص قبله ولا بعده (أم30: 9): "لا تعطنى فقراً ولا غنى .. لئلا أشبع وأكفر وأقول من هو الرب، أو لئلا أفتقر وأسرق وأتخذ إسم إلهى باطلاً"
(2) فعندما يشعر الإنسان أنه فى غنى عن الله تساوره الأفكار بأنه ليس هناك داعى لوجود الله، ويتصور أن كل ما يريده يمكنه أن يحصل عليه بالمال.
(3) قال أحد الحكماء: [المال يشترى الطعام، ولكنه لا يأتى لى بالصحة، ويشترى الدواء، ولكنه لا يأتىبالشفاء، ويشترى الملابس ولكنه لا يعطينى عمراً لألبسها، وهو يأتى لى بما أحتاج، لكنه لا يهب سعادة القلبالتى لا يمنحها إلا الرب يسوع رئيس السلام ومكمله]
(10) المضيف: نأتي إلى المقاييس العقلية كيف هي سببا في الإلحاد؟
أبونا: (1) هي جانب هام من أسباب الإلحاد إذ يحاول البعض أن ويدرك الله بحسب القياسات العقلية،
(2) والكتاب حذرنا من ذلك بقوله (أي11: 7 ـ 9): " أإلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي، هو أعلى من السموات فماذا عساك أن تفعل أعمق من الهاوية فماذا تدري، أطول من الأرض طوله وأعرض من البحر"،
(3) فالعلم يخبرنا أنه إن أردت أن ترى الأجسام الدقيقة الميكروبات مثلا، فلا بد أن تستخدم الميكروسكوب، أما إذا أردت أن ترى الأجرام السماوية والأفلاك الكونية، فأنت تحتاج إلى تليسكوب، وإذ فعلت العكس فلن ترى شيئاً.
(4) هكذا الله لا يمكن أن يقاس بالعقل إنما يُرى بمنظار الإيمان.
(5) قيل أن ملحداً تمادى فى تشـكيك الناس فى وجود الله معتمداً على المقاييس العقلية، فأرسل له الرب ملاكاً فى هيئة طفل يلعب على شاطئ بحرٍ كبيرٍ، فاقترب منه الرجل وسأله عما يفعل، فأجاب الطفل قائلاً: أنا أحفر هذه الحفرة، وأريد أن أضع هذا البحر فيها. فتعجب منه الرجل الملحد جداً وقال: يا لك من طفل مسكين، أتريد أن تضع هذا البحر الكبير فى هذه الحفرة الصغيرة، يا للعجب! هنا قـال له المـلاك: وأنت هل تريد أن تضع الله غير المحدود فى عقلك المحدود؟ فالله أسمى وأعظم من أن نقيسه بمقاييسنا العقلية.
** هذه بعض الثغرات التى يدخل منها الشيطان ليشكك الإنسان فى حقيقة وجود الله: الجهل، والخطية والكبرياء، ومحبة المال وعبادته دون الله، ثم محاولة تطبيق المقاييس العقلية فى إدراك وجود الله.
(11) المضيف: كلمتنا عن بوضوح عن ذلك، ونأتي إلى الجزء الثاني من موضوع اليوم وهو طريق الإيمان والأمجاد. فماذا تريد أن تقول؟
أبونا: في حديثي عن طريق الإيمان والأمجاد سأتكلم عن الدعائم المباركة التى تؤكد وتدعم للمؤمن حقيقة وجود الله منها:
1) تصـــديق كلـمة الله
2) إعـلان الله للبســطاء
3) إعلان الله لحافظى وصاياه
4) نقــــاوة القلـــب
أولا: تصديق كلمة الله: (1) فالمؤمن هو الإنسان الذى قَبِلَ أن يكون الكتاب المقدس هو المرجع الأساسى لإيمانه، فيثق فى كلامه وشهاداته بأنها صادقة،
(2) لهذا قال الرسول بولس (رو10: 17): "إذاً الإيمان بالخبر، والخبر بكلمة الله"، فمتى تعارضت أفكار الإنسان مع كلام الله، فإن المؤمن يتمسك بقول الكتاب.
ثانيا: إعلان الله للبسطاء: (2) الواقع إن إعلان الله عن ذاته لا يأتى للمنتفخين المتكبرين بفكرهم والحكماء فى أعين أنفسهم، بل يأتى للبسطاء المتضعين، كما قال الرب يسوع (لو10: 21): "وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال أحمدك أيها الآب رب السماء والارض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال"
(2) لذا قال قداسة البابا شنودة الثالث: [بينما يتصارع اللاهوتيون فى خلافاتهم، يتسلل البسطاء إلى الملكوت ببساطتهم]
(12) المضيف: وماذا عن بقية دعائم الإيمان بوجود الله؟
أبونا: ثالثا: إعلان الله لحافظى وصاياه: فالسلوك بحسب الوصية هو دليل محبة الإنسان لله، فيكافئ الله الإنسان بأن يعلن له ذاته بالإيمان، بل يسكن فى قلبه، لذا فالرب وعد قائلاً (يو14: 21): "الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأُظهر لـه ذاتي"
رابعا: نقاوة القلب: (1) فعندما يشرق الله بنوره فى قلب المؤمن حينئذ يستطيع أن يعاين الله، لذا قال الرب يسوع فى الموعظة على الجـبل (مت5: 8): "طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله"،
(2) فنحن لا يمكن أن نرى الشمس وشبابيك بيوتنا مغلقة. والقلب المغلق بسبب الخطية لا يستطيع أن يرى الله ويعاين جماله، ولكن حين يتنقى بعمل روح الله الذى يبكت على خطية وعلى بر وعلى دينونة، وقتها تأتى القداسة "التى بدونها لن يرى أحد الرب" (عب12: 14)
(3) يقول القديس أغسطينوس: [أنت يا رباه الإله الحق الواحد القدير الأزلى، الذى لا يدرك ولا يُقاس، ولا تدركه الحواس. ها أنى قد وجدتك وأدركتك، فيا لسعدى ما أعظمه، ويا لحظى ما أسعده، كنت أفتش عليك فى أشياء خارجية، ولكن هذا التفتيش لم يجدنى نفعاً، إذ وجدتك فى نفسى، وفى قلبى وها أنا أمسكك وهنا أراك وكفى]
(4) وقال عالم الطبيعة اسحق نيوتن مكتشف قانون الجاذبية: [إنى رأيت الله فى أعمال الطبيعة وفى قوانينها]
(5) وقال تشارلس دارون الذي كان ملحدا وصاحب نظرية أن أصل الإنسان قــرد: [إنى متيقن أن للكون رباً وأن إثبات وجوده والمناداة به، من أعظم الفروض، إنى أؤمن أن ذلك الرب خلق العالم]
وقد زارته إحدى شريفات إنجلترا فى أواخر أيامه، فرأته يقرأ الكتاب المقدس، وقال لها بصوت حزين: [لما كنت صغيراً لم يكن لى فكر محدد، فنبذت عنى كل المباحث والظنون]، ثم قدم منزله لتعقد به اجتماعات دينية، وكان يحضر الاجتماعات ويشترك فى التراتيل.
(6) لذا كان شعار المتنيح البابا الأنبا شنوده الثالث هو: "ربـــــنا موجــــــود"
** هذه بعض الدعائم الهامة التى تعطى جلاء رؤية حقيقة وجود الله. وهذا هو إيماننا الراسخ، عقيدة صلبة، واختبار حى، ورجاء أبدى، منبع ثباتنا وسر وجودنا، لعظمة إلهنا كل مجد إلى الأبد. آمين.
(13) المضيف: شكرا جزيلا، وما هي تدريبات هذا الأسبوع؟
أبونا: (1) حفظ آية: (مت 5 : 8) "طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت 5 : 8)
(2) المواظبة على الخلوة اليومية (يو18)
(14) المضيف: شكرا جزيلا، هل يمكن أن نأخذ المداخلات. أرجو من الأحباء المشاهدين أن يتصلوا بنا على أرقام التليفونات الموضحة على الشاشة.
المداخلات
أبونا: أرجو أن تكون المداخلات تعليقات على موضوع الحلقة، ويسعدنا المشاركة في تأملات (يو14). ويسعدني سماع الآيات التي حفظناها.
ختام
(15) المضيف: شكرا أبونا، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين لتواجدكم معنا في هذا البرنامج، وإلى اللقاء في حلقات قادمة. هل يمكن أن تباركنا بصلاة ختامية؟
أبونا: (1) باسم الآب والابن والروح القدس (2) محبة الله الآب سلام.
