374ـ دراسة عن قبول المسيح
في فكر المتنيح البابا شنودة الثالث (7)
حلقة الأربعاء 11/9/2019م
(تقديم: هدى)
(1) المضيف: مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (374) من برنامج "حياتك الروحية" من قناة الفادي الفضائية، ومعنا القمص زكريا بطرس، مرحبا بك.
أبونا: مرحبا بك، ومرحبا بالمشاهدين الأحباء في كل العالم.
(2) المضيف: اعتدنا أن ترفعنا بالصلاة في البداية.
أبونا: بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين.
إلهنا الحي وأبونا الحنان، يامن بقدرتك خلقت الأكوان، ويا من بحكمتك أبدعت الإنسان بكل إتقان. يا من أنت بذاتك حاضر معنا الآن. أسألك يا سيدي أن تبارك حلقة هذا اليوم لتكون سبب بركة لكل من يشاهدنا. آمين.
(3) المضيف: هل يمكن أن تذكرنا بموضوع الحلقة الماضية؟
أبونا:
أولا: كل سنة وانتم جميعا بخير اليوم يوافق عيد الشهداء أو عيد النيروز بالكنيسة القبطية.
ثانيا: موضوع الحلقة السابقة كان عن: الموقف الشخصي من مبادرة المسيح الحبية.
(4) المضيف: وفيما ستكلمنا اليوم؟
أبونا:
اليوم سأتكلم عن: قبول المسيح والقرار المصيري
والواقع إن قبول المسيح أو البدء مع الله أو التوبة، هو تجديد لعهد المعمودية، وهو عهد للتوبة المقدسة. وينبغي أن يكون ذلك قرارا مصيريا في حياة التائب، مبنيا على أساس حرية الاختيار المطلق للإنسان.
ولكي يعي كل تائب أبعاد تعهده، سوف نناقش هذه العناصر الثلاث فيما يلي:
1- حرية الاختيار.
2ـ اتخاذ القـرار.
3ـ قطع التعهدات.
(5) المضيف: هل يمكن أن حدثنا عن حرية الاختيار؟
أبونا:
لقد خلق الله الإنسان عاقلا، وأعطى له مطلق الحرية في الاختيار. يتضح ذلك من الحقائق التالية:
1- نقرأ في الاصحاحات الأولى من سفر التكوين أن الله وضع في جنة عدن شجرتان: شجرة الحياة وشجرة معرفة الخير والشر. وأوصى آدم أنه إذا أكل من شجرة معرفة الخير والشر بإرادته سقط تحت حكم الموت، أي الانفصال عن الله. وإن هو أكل من شجرة الحياة يحيا إلى الأبد.
2- وكلنا يعلم أن أبوينا الأولين اختارا أن يأكلا من شجرة معرفة الخير والشر، فجلبا على نفسيهما وعلى البشرية جمعاء حكم الموت الأبدي. وهكذا عبر (القديس إغريغوريوس في القداس الإلهي) قائلا: [خلقتني إنسانا كمحب للبشر ... من أجل تعطفاتك الجزيلة كونتني إذ لم أكن ... غرس واحد نهيتني أن آكل منه، فأكلت بإرادتي وتركت عني ناموسك برأيي، وتكاسلت عن وصاياك، أنا اختطفت لي قضية الموت]
3- وفي سفر (التثنية30: 15ـ20) يؤكد الرب حرية اختيار الإنسان بأن يعيش معه أو ينفصل عنه إذ قال: "انظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير والموت والشر ... أشهد عليكم اليوم السماء والأرض، قد جعلت قدامك الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك". واضح جدا ترك الله الحرية للإنسان أن يختار مصيره.
4- وفي سفر(أشعياء1: 19و20) يضع الرب الاختيار أيضا أمام الشعب قائلا: "إن شئتم وسمعتم تأكلون خير الأرض، وإن أبيتم وتمردتم تؤكلون بالسيف، لأن فم الرب تكلم".
5- ويشوع ابن نون يقف وقفة مصيرية مع الشعب عارضا عليهم أن يختاروا، قائلا: "وإن ساء في أعينكم أن تعبدوا الرب، فاختاروا لأنفسكم اليوم من تعبدون ... وأما أنا وبيتي فنعبد الرب" (يشوع24: 15)
(6) المضيف: وماذا قال المتنيح البابا شنودة في ذلك؟
أبونا:
1- وقد كتب قداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث عن حرية إرادة الإنسان قائلا: [إن النعمة تساعد إرادة الإنسان دون أن تلغي إرادته ... إرادتنا ما تزال قائمة، تقويها النعمة، وحريتنا كاملة، وتقرير مصائرنا هو في أيدينا ... ] (كتاب النعمة ص 21)
2- ويقول قداسته أيضا: [النعمة على الرغم من عملها في إنسان، تتركه لحريته. إنها تشجعه ولكن لا ترغمه. نعمة المعونة لا تلغي نعمة الحرية ... لأنه لو فقد حريته، يفقد صورته الإلهية. ولا يستحق المكافأة، لأنه لم يفعل الخير بإرادته] (كتاب النعمة ص19)
3- ولهذا قال قداسته: [إن الله يريدك أن تصل إليه بكل رضى قلبك. لذلك كان قبولك للرب، أمرا هاما في الحياة الروحية] (كتاب النعمة ص20)
4- وفي هذا الخصوص قال نيافة الأنبا موسى أسقف عام الشباب: [خلق الله الإنسان كائنا حر الإرادة، وأعطاه فرصة دائمة لاتخاذ القرار، دون إلغاء لمشيئته، بل في حرية كاملة ... بل يريد أولاده أحرارا في قراراتهم، صادقين في اختياراتهم، جاءوا إلى شركته عن اقتناع دون ضغط أو إرغام، وسلموا إرادتهم في حب ورضى كامل] (كتاب كيف أتخذ قرارا ص4)
5- وقال أيضا نيافته: [خلقنا الله أحرارا وتركنا نختار طريقنا وطريقتنا في الحياة كما نريد، لأنه لا يحب أن يرانا دُمَيْ تافهة أو قطع شطرنج في جنته السعيدة، بل يريدنا أن نختار الحياة معه وله، عن قناعة وفرح ورضى] (كتاب كيف أتخذ قرارا ص19)
6- وفي حديث نيافته عن أهمية الحوار مع الشباب ليختاروا ما يريدون قال: [الحوار المقود بالروح القدس كفيل بإقناع الشباب روحيا وفكريا لتتحرك إرادته نحو طاعة المسيح والاتحاد به عن اختيار حر فرح] (كتاب كيف نخدم الشباب ص20).
** من كل هذه الشواهد نرى أن الإنسان حر الاختيار، فهو حر في أن يختار الحياة مع الله أو مع الشيطان. يختار طريق الحياة أو طريق الموت، طريق البركة أو طريق اللعنة. ونتيجة لحرية الاختيار يتخذ الإنسان لنفسه قرارا بما يريده وصمم العزم عليه.
(7) المضيف: وماذا عن اتخاذ القرار؟
أبونا:
بناء على حرية الاختيار التي وهبها الله للإنسان، ترك له أن يتخذ القرار الذي يريده، كإنسان حر يقرر مصيره كما يشاء، بلا إرغام أو إجبار.
1- فعندما أراد أن يشفي الأعمى سأله ليقرر ما يريد "فأجاب يسوع وقال له: ماذا تريد أن أفعل بك؟ فقال له الأعمى: يا سيد أن أبصر" (مر10: 51).
2- وعن ضرورة اتخاذ الإنسان لقراراته المصيرية قال نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب: [القرارات في حياة الإنسان ... كثيرا ما تكون مصيرية، وذات أثر خطير في خلاص صاحبها] (كيف أتخذ قرارا ص3)
3- وقال أيضا نيافته: [خلق الله الإنسان كائنا حرا مريدا، وأعطاه فرصة دائمة لاتخاذ القرار، دون إلغاء لمشيئته، بل في حرية كاملة ... بل يريد أولاده أحرارا في قراراتهم، صادقين في اختياراتهم، جاءوا إلى شركته عن اقتناع دون ضغط أو إرغام، وسلموا إرادتهم في حب ورضى كامل] (كتاب كيف أتخذ قرارا ص4)
4- كما قال أيضا: [لابد للإنسان من أن يتخذ قراراته في الحياة اليومية حسب مشيئة الله وفكر المسيح] (كيف أتخذ قرارا ص8)
5- ومن أقوال نيافته أيضا: [يجب أن يكون درس الشباب محركا للإرادة، بمعنى أن ينتهي الاقتناع بأهمية الموضوع إلى حث للإرادة الإنسانية أن تعمل شيئا ... واتخاذ قرارات ... لهذا يجب أن ينتهي الحديث إلى تطبيقات محددة نتفق عليها، حتى يبدأ الشباب تنفيذها فعلا] (كتاب خدمة الشباب المعاصر ص123)
** إذن فالإنسان حر الاختيار وحر في اتخاذ القرار الذي يعجبه، وبناء على قراره يقطع العهد الذي يراه. وهذا يقودنا للحديث عن قطع التعهدات.
(8) المضيف: نأتي إلى النقطة الأخيرة وهي : قطع العهود فماذا تريد أن تقول؟
أبونا:
1- الواقع أن قطع التعهد هو تعهد ببدء حياة التوبة ويعتبر تجديد لتعهد سر المعمودية ومقدمة للدخول في الشركة المقدسة بسر التناول.
2- وعن العهود قال قداسة البابا شنوده الثالث: [الإنسان الروحي يلتزم بعهوده للرب، فهل أنت قد وفيت بكل عهودك؟ أول عهد كان بينك وبين الله، هو عهدك في يوم معموديتك أن تجحد الشيطان وكل حيله وشروره وكل جنوده وكل أعماله الرديئة. فهل أنت ما زلت ملتزما بهذا العهد عمليا؟ وأنت في كل اعتراف وتوبة تتعهد أمام الله أن تترك الخطية ولا تعود إليها. فهل التزمت بهذا؟ وأنت في كل يوم تناول، تتعهد تعهدات كثيرة. أتراك تذكرها؟ وهل تنفذها؟ أم لم تكن ملتزما؟ ... هل أنت ملتزم بكل ما تعهدت به أمام الله؟ كم عيد رأس سنة مر عليك، ووقفت أمام الله تَـعِـدْ وتتعهد ... وكم مناسبة مقدسة وقفت فيها قدام الله تتكلم. وكم من فترات روحية مرت بك في اشتعال القلب بالتوبة، وقلت لله وعودا وعهودا، ولم تلتزم بشيء ...] (معالم الطريق الروحي ص80و81)
3- ولمزيد من الشرح نقول، إن عهد التوبة المعتبر تجديد لعهد المعمودية، إنما ينبني على موقف التائب الذي يتخذ قرارا بكامل حريته بناء على الاقتناع الكامل، ليعيش مع الرب وفق وصاياه.
(9) المضيف: هل يمكن أن تذكر بعض العهود والمواثيق من الكتاب المقدس، وأيضا من تراثنا الكنسي؟
أبونا:
1- عهد الشعب أيام عزرا: "وأجاب شكنيا بن بحيئيل من بني عيلام وقال لعزرا إننا قد خنا إلهنا واتخذنا نساء غريبة من شعوب الأرض. ولكن الآن يوجد رجاء لإسرائيل في هذا. فلنقطع الآن عهدا مع إلهنا أن نخرج كل النساء ... وليعمل حسب الشريعة" (عز10: 2ـ4)
2- ميثاق الشعب مكتوبا وموقعا عليه أيام نحميا: في أيام نحميا أيضا قطع الشعب عهدا مع الرب ووقع عليه الرؤساء واللاويين والكهنة. "والآن يا إلهنا الإله العظيم الجبار والمخوف حافظ العهد والرحمة، لا تصغر لديك كل المشقات التي أصابتنا نحن وملوكنا ورؤساءنا وكهنتنا وأنبياءنا وآباءنا وكل الشعب ... وأنت بار في كل ما أتى علينا لأنك عملت بالحق ونحن أذنبنا ... ومن أجل كل ذلك نحن نقطع ميثاقا ونكتبه ورؤساؤنا ولاويونا وكهنتنا يختمون" (نح9: 32ـ38)
3- ونرجئ الحديث عن التعهدات في تراثنا الكنسي للحلقات القادمة بمشيئة الله.
4- فهل تحب اليوم تتخذ قرارا بالتوبة أو تجدد عهد توبتك وتقول له: يارب اليوم أنا أجدد عهدي معك أن أتبعك كل أيام حياتي. فاغفر لي ضعفاتي الماضية وقويني في حياتي المقبلة إلى أن أتقابل معك. آمين.
إختبارات العابرين والعابرات
(10) المضيف: هل نستطيع أن نستمع لبعض اختبارات العابرين لنرى عمل الله في النفوس؟
أبونا:
1- بكل سرور.
2- وليكن هذا تشجيعا للكثيرن الذين لم يتخذوا بعد قرار العبور.
(تعرض على الشاشة بعض الاختبارات)
المداخلات
(11) المضيف: شكرا جزيلا على هذا لشرح الواضح. هل يمكن أن نأخذ بعض المداخلات؟
أبونا: يسعدني سماع مداخلاتكم وتعليقاتكم.
ختام
(12) المضيف: شكرا أبونا، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين لتواجدكم معنا في هذا البرنامج، وإلى اللقاء في حلقات قادمة. هل يمكن أن تباركنا بصلاة ختامية؟
أبونا: أولا: الصلوات الختامية:
(1) شكرا لك يا رب لأجل كل ما كلمتنا عنه.
(2) اذكر كل المشاركين والمشاهدين أن تباركهم.
(3) واذكر قناة الفادي لتبارك خدمتها والفريق العامل فيها.
(4) واذكر المعضدين للقناة لتعوضهم بكل بركة روحية.
(5) اذكر يارب كل الذين طلبوا منا أن نصلي من أجلهم: [الأسماء المكتوبة ..] آمين.
ثانيا: البركة الختامية:
(1) والآن محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم.
(2) وإلى اللقاء في برامج القناة اليومية. سلام معكم. آمين.