77ـ كيف أقبل المسيح ـ 14
(قبول المسيح الاختبار الروحي)
حلقة الثلاثاء 14/5/2013م
(تقديم: Betty)
(1) المضيفة: مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (77) من برنامج "حياتك الروحية" من قناة الفادي الفضائية، ومعنا القمص زكريا بطرس، مرحبا بك.
أبونا: مرحبا بك، ومرحبا بالمشاهدين الأحباء في كل أرجاء العالم.
(2) المضيفة: اعتدنا أن ترفعنا بالصلاة في البداية.
أبونا: (1) بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. (2) سيدي، إني كنت أعمى لا أرى أين طريقي، كنت وحدي سائرا بلا رفيقي، إلى أن وجدتك نعم الصديق يا إلهي شكرا ليك. آمين. (3) وأسألك أيضا أن تبارك حلقة هذا اليوم من أجل خلاص وبركة الكثيرين. آمين.
(3) المضيفة: بدأت معنا سلسلة مراحل الحياة الروحية، وتعودنا أن تعيد ذكر هذه المراحل مرة أخرى.
أبونا: مراحل الحياة الروحية، مبينة في هذا (الرسم البياني) التالي، وهي:
1ـ قبول المسيح
2ـ والثبات في الرب
3ـ النمو الروحي
4ـ النضوج الروحي
5ـ خدمة النفوس
6ـ وقيادة فريق للعمل الروحي
(4) المضيفة: هل يمكن تلخيص موضوع الحلقة السابقة؟
أبونا: (1) لقد تكلمت عن: تأملات في النعمة للأب متي المسكين: عشرين تأمل موضحا مفهوم النعمة وعملها والحصول عليها.
(5) المضيفة: وفيما ستكلمنا اليوم؟
أبونا: (1) سأناقش موضوعا هاما بخصوص قبول المسيح والاختبار الشخصي.
(2) وهناك عدة اعتراضات تقوم في وجه هذا الأمر إذ يقول البعض أن موضوع الاختبار الشخصي هو أمر غريب عن العقيدة الأرثوذكسية.
(3) لكن في الواقع إن الاختبارات الشخصية الروحية في عشرة الرب واللقاء معه والتمتع به هي من صميم العقيدة القبطية الأرثوذكسية كما يتضح من:
1ـ الكتاب المقدس
2ـ أقوال القديسين
3ـ أقوال البابا شنودة
4ـ أقوال الأنبا موسى أسقف الشباب
5ـ أقوال الأب متى المسكين.
(6) المضيفة: أولا دعني أسأل: ماذا تقصد بالاختبار؟
أبونا: يوجد معنيان مختلفان للاختبار: (1) المعنى الأول:إختبار بمعنى إمتحان: (مز139: 23)"اختبرني يا الله و اعرف قلبي امتحني واعرف افكاري". وليس عن هذا المعنى نتكلم في موضوعنا اليوم.
(2) المعنى الثاني: إختبار بمعنى خبرة روحية أو تذوق حلاوة العشرة مع الله. (مز34: 8) "ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب" وهذا هو موضوع حديثنا اليوم.
(7) المضيفة: هل يمكن أن توضح لنا أقوال الكتاب المقدس عن الاختبار بمعنى الخبرة الروحية؟
أبونا: أذكر بعض الأيات من الكتاب المقدس فقد جاء في:
(1) رسالة بولس الرسول إلى أهل (في2: 22) وهو يحدثهم عن تلميذه تيموثاوس يقول لهم: "وأما اختباره فانتم تعرفونه"
(2) وفي رسالته (2كو9: 13) يقول: "إذ هم باختبار هذه الخدمة يمجدون الله" وفي الترجمة التفسيرية: "فَإِنَّ الْقِدِّيسِينَ، إِذْ يَخْتَبِرُونَ هَذِهِ الْخِدْمَةَ، يُمَجِّدُونَ اللهَ"
(3) وفي سفر (حكمة إبن سيراخ 34: 10 ـ 12) الرجل المتأدب يعلَم كثيرا والكثير الخبرة يحدِّث بعقل. [ويقول]: الذي لم يختبر يعلَم قليلا، اما الذي جال فهو كثير الحكمة. [ويستطرد قائلا]: إني رأيت في مطافي أمورا كثيرة وأكثر اقوالي هي مما اختبرت"
(4) وفي (سفر حكمة سليمان1: 3) "اختبار قدرة الله يحكِّم الجهال"
(8) المضيفة: وماذا عن أقوال الآباء القديسين بخصوص الاختبار الروحي؟
أبونا: (1) جاء في (كتاب الفيلوكاليا، الجزء الأول نشر القمص تادرس ملطي) [من أقوال الأنبا مرقس الناسك] "الإهمال فيالاختبار يجعل المعرفة مظلمة، لأنه متى أُهمل الاختبار إهمالًا تامًا، فإنه حتى الذاكرة (الخاصة بهذه المعرفة) تبطل شيئًا فشيئًا"
(2) وجاء عن الأنبا ثاؤفيلس البطريرك أنه ذهب إلى نتريا وكان همه هو معرفة الإختبارات الروحية فسأل أحد الأباء فيها عن ذلك قائلًا: قل لي ما هو أفضل اختبار طلعت به من الحياة في البرية؟ وتحدث الراهب عن إختباره الذي أعجب البابا ثاوفيلس.
(3) وجاء عن القديس الأنبا موسى الأسود أنه كإنسان مختبر قال: "الذين يريدون أن يقتنوا الصلاح وفيهم خوف الله فإنهم إذا عثروا لا ييأسون بل سرعان ما يقومون من عثرتهم"
(9) المضيقة: قلت أنك ستذكر لنا بعضا من أقوال المتنيح البابا شنودة الثالث عن الاختبار الروحي، فماذا قال؟
أبونا: الحقيقة أن المتنيح البابا شنودة الثالث قد أسهب في الحديث عن الاختبار الروحي وأهميته، ومن أقواله ما يلي:
(1) جاء في (كتاب الله وكفى ص 10و11) "[هل تعرف الله؟ ما عمق هذه المعرفة؟" [ويستطرد قائلا]: "قد يبدو السؤال غريبا. فكل إنسان يظن أنه يعرف الله، وربما يقصد معرفته أنه يوجد إله. ونحن لا نقصد مطلقا هذه المعرفة العقلية السطحية. فالشيطان أيضا يعرف أنه يوجد إله ... فهل أنت تعرف الله هذه المعرفة العقلية وكفى؟ وهل معرفتك مصدرها الكتب، أو مجرد سماع العظات والتعليم؟ دون أية معرفة اختبارية في حياتك، في داخل قلبك؟ ... أسوأ ما في المعرفة العقلية، أن تكون معرفة بلا علاقة! لذلك فهي لا يمكن أن تكفي ... إنها تشير إلى الله من بعيد، ولكن يبقى أن تقترب إلي الله، وتعرفه عن طريق الخلطة والمعاشرة والحياة معه. وهكذا تعرف الله الذي يسكن فيك، وليس مجرد الله الذي في الكتب. فهل تشعر بوجود الله فيك ومعك؟ هل الله له وجود عملي واضح في حياتك؟ هل الله بالنسبة إليك هو مجرد فكرة؟! أم له كيان حقيقي تشعر به، وله وجود في حياتك؟ ما مدى إحساسك بالله ووجوده وفاعليته فيك؟ ... ما هو الله في مفهومك؟ وما نوع العلاقة التي تربطك به؟]
(2) ومن أقوال قداسته أيضا في (كتاب الله وكفى ص 21و66): [ليتنا في حياتنا جميعا نختبر عمل النعمة. كثير من الناس لم يختبروا عمل النعمة بعد!! ... لم يختبروا نعمة الله، ولم يسلموها حياتهم لتعمل فيها... ولعل واحد يسأل: أنا لم أر هذه النعمة التي تعطى! أنت لم ترها لأنك لم تختبرها ... ولم تختبرها لأنك لم تطلبها ... ولم تطلبها لأنك لا تشعر حتى الآن بقيمتها في حياتك من كل ناحية]
(3) ومن أقوال قداسته كذلك في (كتاب حياة الإيمان ص44): [تحت عنوان: إيمان الثقة والاختبار: إنه ليس الإيمان بالله الذي نقرأ عنه في كتب اللاهوت، أو في المعاهد الدينية، أو في الكنائس وفي فصول التعليم الديني على أنواعها. وإنما إيمان بالله الذي اختبرناه في حياتنا وعاشرناه وأدخلناه في كل تفاصيل حياتنا واختبرنا عمليا قول داود النبي "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز34 :8) .. ذقنا حلاوته وحبه ورعايته .. ونتيجة الاختبار صارت لنا ثقة غير مبنية على الكتب، وإنما على ما لمسناه بأيدينا… لذلك إيماننا إيمان حقيقي راسخ في قلوبنا.]
(4) ومن أقوال قداسته أيضا في (كتاب حياة الإيمان ص68): [الإيمان البسيط يثق بعمل الله، عقيدياً، وعن طريق الخبرة، فإن الإيمان يدخل الإنسان في دائرة الاختبارات. والاختبارات تعمق الإيمان وتبنيه على أسس واقعية وليس على مجرد أسس نظرية. والإيمان والاختبارات يقويان بعضهما بعضا… حتى يصل الإنسان إلى يقين بديهي وهو بساطة الإيمان].
(5) وقال أيضا قداسته في (كتاب حياة الإيمان ص89) [تحت عنوان الخبرة مع الله]: الق نفسك في دائرة الله. عش معه واختبره. جرب الاتكال عليه. حينئذ سترى عجائب من عمله معك. أما إن كنت طول حياتك تحصر نفسك في دائرة إمكانيات الفكر، والذكاء البشري، وخبرات المجتمع، ومشورات الناس، بعيدا عن الله، تأكل كل يوم من شجرة معرفة الخير والشر، فكيف تصل إذن إلى الإيمان؟! إذن اختبر عمليا وجود الله في حياتك، عاشره لتعرف من هو. وكما قال داود النبي "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز34: 8)
(10) المضيفة: قلت أيضا أن نيافة الأنبا موسى تكلم عن الاختبار الروحي كذلك، فهل تذكر لنا بعض أقواله؟
أبونا: من أقوال الأنبا موسى عن الاختبارات:
(1) قال في (كتاب كيف نخدم الشباب ص79) "ما مدى اختباري لفعل الخلاص في حياتي؟ وما مدى شبعي بالمسيح؟"
(2) ومن أقوال نيافته أيضا ما جاء أضا في (كتاب كيف نخدم الشباب ص 102):
[احذر يا أخي من أن تكون واحدا من أولئك السائرين في ركب الجماعة دون حقيقة داخلية، واختبار شخصي أصيل. ادخل إلى أعماقك واكشف نفسك أمام الله. وافحص مدى أمانتها للمسيح وتصميمها على الطريق وارتباطها بفعل النعمة. هل أشعر أن فعل الخلاص بدأ يسري في حياتي؟"
(3) وأيضا من أقوال نيافته في نفس المرجع (كتاب كيف نخدم الشباب ص 124):
"الشاب الذي يستودع نفسه لعمل النعمة يحس بتغيير صادق في نفسه وحواسه وأفكاره ومشاعره ونزعاته، وهذه معجزة لابد من اختبارها حتى ندركها. النعمة طاقة جبارة ترفع النفس فوق معاكسات الجسد، وإغراءات العالم وإيحاءات العدو. إنها ببساطة: الله ساكنا في إنسان. أما وسيلة الحصول على هذه النعمة فهي: القبول الصادق للرب يسوع رئيسا للحياة"
(4) وقد أجمل نيافته الحديث عن أهمية الاختبارات في ذات المرجع (كتاب كيف نخدم الشباب ص 166) بقوله تحت عنوان: [نعمة الاختبار]: "المسيحية اختبارات وليست مجرد معلومات، ... الاحتياج الماس الآن يتجه نحو خدام مختبرين الطريق ينقلونه بخبرتهم وقدوتهم أكثر مما ينقلونه بكلامهم ... لهذا ينبغي أن يستمر الخادم متجددا يوما فيوما في اختبارات الحياة الداخلية والحياة اليومية مع الله، ولا يتوقف عند حد، لأنه ما أخطر الشعور بالاكتفاء والإحساس بالوصول"
(11) المضيفة: وماذا قال الأب متى المسكين عن الاختبار الروحي؟
أبونا: يشرح لنا الأب متى المسكين بتدقيق كيفية اقتناء هذا الاختبار بقوله في (كتاب رسائله ص 442): "المسيح يهب ذاته لنا ويدخل فينا ويتحد بنا بسر عجيب على شبه دخوله العلية التي كان التلاميذ مجتمعين فيها والأبواب مغلقة. [ويكمل قائلا]: "هذا يشرح لنا بصورة سرية إمكانية دخول المسيح في هياكلنا البشرية دون أن نحس به أو نراه حتى نجده يتحدث في النفس فجأة قائلا: سلام لك. تماما كما قال لتلاميذه"
(12) المضيفة: هذه أقوال رائعة عن الاختبار الروحي، هل تريد أن تختم الحلقة برسالة لنا؟
أبونا: (1) أريد أن أقول أن الاختبار الروحي هو محض نعمة إلهية، عندما يقبل الإنسان المسيح ويتذوق حلاوة العشرة معه وسكناه في داخله.
(2) ومن هنا يمجد الله الذي تنازل ووهبنا هذه النعمة دون أدنى إستحقاق منا.
(3) فلا مجال لأن يفتخر الإنسان باختباره لأنه ليس من صنعه، ولا من أجل تقواه.
(4) وإني أشجع كل إنسان أن يقبل المسيح فعليا وليس مجرد فكريا أو عقيديا.
(5) المسيح مستعد أن يدخل حياة كل من يدعوه.
(6) ويا ليت المؤمنين الذين نالوا هذا الاختبار أن يجددوا عهودهم رغم ما أصابهم من ضعف أو فتور. آمين.
(13) المضيفة: شكرا جزيلا، هل يمكن أن نأخذ المداخلات. أرجو من الأحباء المشاهدين أن يتصلوا بنا على أرقام التليفونات الموضحة على الشاشة.
المداخلات
أبونا: أرجو أن تكون المداخلات تعليقات على موضوع الحلقة، ويسعدنا المشاركة بالاختبارات الشخصية في كيفية قبولك للمسيح في حياتك مخلصا وفاديا.
ختام
(14) المضيفة: شكرا جزيلا أبونا، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين لتواجدكم معنا في هذا البرنامج، وإلى اللقاء في حلقات قادمة. هل يمكن أن تباركنا بصلاة ختامية؟
أبونا: (1) باسم الآب والابن والروح القدس: 1ـ صلاة 2ـ ومن أجل الذين طلبوا أن نذكرهم (3) محبة الله الآب ... مع جميعكم، (4) وإلى اللقاء أيها الأحباء. سلام.