295ـ صنعت خلاصا (21)
حلقة الاثنين 15/1/2018م
(تقديم: مريم)
(1) المضيف: مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (295) من برنامج "حياتك الروحية" من قناة الفادي الفضائية، ومعنا القمص زكريا بطرس، مرحبا بك.
أبونا: مرحبا بك، ومرحبا بالمشاهدين الأحباء في كل العالم.
(2) المضيف: اعتدنا أن ترفعنا بالصلاة في البداية.
أبونا: [1] بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. [2] سيدي ... آمين [3] كما أسألك يا سيدي أن تبارك حلقة هذا اليوم لتكون سبب بركة لكل من يشاهدنا. آمين.
(3) المضيف: هل يمكن أن تذكرنا بموضوع الحلقة الماضية؟
أبونا: موضوع الحلقات السابقة كان عن: عمــل النعـمة وهو:
1- التبـريـر
2- التقديـس
3- التمجيـد.
(4) المضيف: وفيما ستكلمنا اليوم؟
أبونا:
سنواصل الحديث عن بقية التبرير أمام الله ثم نتكلم عن التبرير أمام الناس.
(5) المضيف: إذن لنستكمل الحديث عن التبرير أمام الله.
أبونا:
1- قلت في نهاية الحلقة السابقة: أنه قامت ضد هذا التعليم السامي وهو التبرير أمام الله بالإيمانهرطقات عديدة تقلل من شأن هذه النعمة وتجعل للتبرير ركيزة أخرى غير دم المسيح، الأمر الذي يهين الله، ويطعن في كفاية كفارة المسيح.
2- وقلت أنه لهذا قام آباء الكنيسة بردع المدعين المبتدعين ووعدت أنني في حلقة اليوم سأذكر بعض أقوالهم في هذا الصدد.
(6) المضيف: وهذا ما يسعدنا فماذا قال الآباء عن ذلك؟
أبونا:
- يتساءل القديس أوغسطينوس قائلا: "ما معنى قول الرسول "متبررين مجاناً بنعمته" وماذا يقصد بقوله: لأنكم بالنعمة مخلصون"؟
- [ويواصل حديثه قائلا]: "وحتى لا يظن أحد أن الخلاص بالأعمال يضيف الرسول قائلاً: "بالنعمة أنتم مخلصون بالإيمان"
- وخشية أن يفكر أحد أن الإيمان عمل بشرى مستقل عن النعمة، يوضح الرسول أن الإيمان هو أيضاً من عمل النعمة بقوله "وذلك ليس منكم هو عطية الله" (أف8:2) .
(N. P. Frs. Ser. 1 Vol. V P. 229,230)
- وقال أيضاً القديس أغسطينوس: "بدون نعمة المسيح لا يمكن لصغير أو كبير أن يخلص، وهذه النعمة لا تعطى مقابل أي شئ صالح وإنما هي مجانية. لهذا فهي تسمى نعمة "متبررين مجاناً بنعمته" (رو24:3).
(N. P. Frs. Ser. 1 Vol. V P. 122)
- وقال أيضاً القديس أغسطينوس: "إن في هذا ثناءً عظيما على النعمة أيها الأخوة، حتى تتعلم النفس الاتضاع، ويستد فم الكبرياء. فليُجِب الآن إن استطاع أولئك الذين إذ يجهلون بر الله ويطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم لم يخضعوا لبر الله (رو3:10). إن إجابتكم تتضمن الكفر عندما تقولون أن الله قد خلقنا ونحن نستطيع أن نصير أبراراً بأنفسنا"
(N.P.F. Ser. 1 Vol.7 P. 345)
- وقال أيضاً القديس أوغسطينوس: "دفاعاً عن نعمة المسيح أرفع صوتي قائلا: بدون النعمة لا يتبرر أحد".
(N.P.F. Ser. 1 Vol.5 P.142)
- ومن أجمل أقواله في هذا الصدد ما ختم به حديثه إذ قال "وختام القول أن الإنسان لا يتبرر بمظاهر حياة القداسة وإنما بواسطة الإيمان بالرب يسوع. أي ليس بالأعمال بل بالإيمان، ليس بالأعمال الصالحة بل بالنعمة المجانية".
(Ibil P. 92).
(7) المضيف: هذا ما قاله القديس أغسطينوس وهل هناك أقوال لقديسين آخرين؟
أبونا:
- القديس يوحنا ذهبي الفم يقول: "إننا لم نتبرر بالأعمال بل بالنعمة، حتى أن جميع خطايانا قد محيت. وهذا الأمر لا يدفعنا إلى الكبرياء، لأن الكل عطية مجانية من الله."
(N.P.F.1st. Ser. Vol. 12 P. 334)
- ومن روائع ذهبي الفم ما قاله تعليقاً على قول بولس الرسول "لأن فيه معلن بر الله بإيمان لا يمان كما هو مكتوب أما البار فبالأيمان يحيا" (رو17:1). فيقول: "وحتى لا يشك أحد في إمكانية الخلاص والسلام يتكلم عن البر، ليس بر الإنسان بل بر الله، ليظهر فيض هذا البر وسهولة الحصول عليه، إذ لا يحصل عليه الإنسان بالجهد والعمل بل يقبله عطية من فوق. متطلباً شيئاً واحداً من جانبك وهو الإيمان ... وحتى لا يشك أحد في صدق كلامه بأن الزاني والشرير والسارق لا يتحرروا فقط من العقوبة بل يصيروا أبراراً، ولهم أسمى أنواع البر (أي بر الله ذاته) يدعم كلامه باستشهاد من العهد القديم من سفر حبقوق الذي قال "أما البار فبالإيمان يحيا." (حب4:2).
(N.P.F 1st. Ser Vol. 12 P.349)
(8) المضيف: هل يفهم من هذا أن الإنسان طالما قد تبرر بالإيمان، وحسب له بر المسيح، فيستبيح لنفسه الخطية ويتمادى فيها؟ أو يشجعه هذا على الكسل والتراخي؟
أبونا:
- هذا فكر خاطئ ولا يمكن أن يحدث لإنسان قَبَلَ المسيح حقاً. فبولس الرسول قد ناقش هذا الموضوع فقال: "حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً .. فماذا نقول. أنبقى في الخطية لكي تكثر النعمة. حاشا. نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها" (رو20:5).
- وكقاعدة عامة أقول: "إن التبرير بلا تقديس يجعل الإنسان أشر من إبليس".
- وما أجمل ما قاله القديس يوحنا ذهبي الفم في هذا الصدد: "لا تستسلم للكسل بحجة أن الكل بالنعمة، فالرسول يسمى الأعمال الصالحة أيضاً نعمة لأنها تحتاج إلى قدرة علوية للقيام بها"
(N. P.F 1st. Ser. Vol. 11 P.345).
(9) المضيف: كان هذا كله عن التبرير أمام الله بالإيمان لأنه نعمة. فماذا عن التبرير أمام الناس؟
أبونا:
1- الواقع أن الخاطئ الذي حصل على نعمة التبرير أمام الله بالإيمان، لا بد وأن تظهر نعمة الله هذه في حياته الجديدة، وأعماله الجديدة، وبهذا يتبرر أمام الناس.
2- فزكا العشار بعد أن تقابل مع المسيح وقبله فرحاً، قال للرب "هاأنا يارب أعطى نصف أموالي للمساكين وإن كنت وشيت بأحد أرد له أربعة أضعاف" (لو1:19-8).
3- فكان هذا دليلا على خلاصه، لذلك قال له رب المجد "اليوم حصل خلاص لهذا البيت" (لو9:19).
4- فتبرير المؤمن أمام الناس هو انطباع تبريره أمام الله.
5- فكما غفر له الله خطاياه عليه أن يغفر للآخرين أيضاً "اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا" (مت12:6).
6- وكما نال من الرب نعمة وإحسانا، لا بد وأن يعطى هو للآخرين أيضاً بحسب مقدوره.
7- وهذا ما وضحه معلمنا يعقوب في رسالته إذ قال "إن كان أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي فقال لهما أحدكم امضيا بسلام استدفئا واشبعا، ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد فما المنفعة" (يع15:2،16).
8- وبهذا يكمل حديثه قائلا "ترون إذن أنه بالأعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده." (يع24:2).
(10) المضيف: هل وضح الكتاب المقدس إتجاهي التبرير أمام الله وأمام الناس؟
أبونا:
1- نعم لقد وضح معلمنا بولس الرسول اتجاهي التبرير هذين (أمام الله وأمام الناس) في معرض حديثه عن تبرير أبينا إبراهيم.
2- فتكلم عن تبرير إبراهيم أمام الله بالإيمان في قوله: "لأنه ماذا يقول الكتاب. فآمن إبراهيم بالله فحسب له براً ... أما الذي يعمل فلا تحسب له الأجرة على سبيل نعمة بل على سبيل دين. وأما الذي لا يعمل ولكن يؤمن بالذي يبرر الفاجر فإيمانه يحسب له براً. كما يقول داود أيضاً في تطويب الإنسان الذي يحسب له الله براً بدون أعمال. "طوبى للذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم. طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية" (رو3:4ـ8).
(11) المضيف: وماذا قال عن تبرير إبراهيم أمام الناس بالأعمال؟
أبونا:
1- يظهر ذلك في قوله: "إن كان إبراهيم قد تبرر بالأعمال فله فخر. ولكن ليس لدى الله" (رو2:4).
2- علماً بأن القيام بأعمال البر هذه لا يقوم بها المؤمن من ذاته وإنما بعمل النعمة فيه إذ يقول رب المجد "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً"(يو5:15).
3- وبولس الرسول يؤكد هذه الحقيقة بقوله "لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة" (فى13:2).
(12) المضيف: هل أيد الآباء القديسون هذا المفهوم؟
أبونا:
1- نعم يقول القديس أغسطينوس: "فلـيُـجِـبْ أصحاب الأخلاق الرفيعة الذين يظنون أنهم ليسوا في حاجة لله للقيام بالأعمال الصالحة!
2- [ويكمل قائلا]: "ألا يقاوم الحق أولئك الناس الفاسدة أذهانهم، والمرفوضون من جهة الإيمان؟ (2تى8:3).
3- [ويواصل قائلا]: ما هذا الذي تقولونه يا من تخدعون أنفسكم؟. لماذا تقولون أن الإنسان يستطيع أن يعمل البر بنفسه؟. فإن هذا هو قمة غروركم … ولكن الحق يناقض قولكم ويعلن "أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة".
4- [وأجمل الحديث بقوله]: "من يتوهم أنه يستطيع أن يأتي بثمر من ذاته فهو ليس في الكرمة، ومن ليس في الكرمة فهو ليس في المسيح، ومن ليس في المسيح فهو ليس مسيحياً".
(N. P. F. 1st. Ser. Vol. 7P. 345)
(13) المضيف: نعلم أن القديس أوغسطينوس له مجلد كامل عن عمل النعمو، فهل تستطيع أن تذكر لنا أيضا مزيدا من أقواله عن ذلك؟
أبونا:
- قال: "كيف تفتخر بأعمالك الحسنة كما لو كانت من صنعك، لأن الله هو العامل فيك هذه الأعمال الصالحة "الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة" (فى13:2).
(N. P. F. 1st. Ser. Vol 5P. 452)
- وقال أيضاً: "هذه الأعمال الصالحة التي نقوم بها ونكافأ عليها ترجع أيضاً إلى عمل نعمة الله فيينا إذ قال الرب يسوع "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً"
(Ibad P. 451)
- ولقد قرر مجمع آرليس Arles الذي انعقد حوالي سنة 473م. ما يلي: "لابد من أن يقترن عمل الإنسان وسعيه بنعمة الله)"
(مذكرات الكلية الإكليريكية ـ هرطقة بيلاجبوس ص29 للمتنيح الأنبا إغريغوريوس.)
- وأيضا ما أجمل ما قاله القديس يوحنا ذهبي الفم: "إن الحديث عن النعمة لا يقلل من شان العزيمة البشرية وإنما يهدم روح الكبرياء. إذن لا تستسلم للكسل بحجة أن الكل هو بالنعمة، فان الرسول يسمى الأعمال الصالحة أيضاً نعمة لأنها تحتاج إلى قوة علوية للقيام بها".
(N.P.Frs 1st. Ser Vol.X1 P. 345)
المداخلات
(14) المضيف: شكرا جزيلا على هذا لشرح الواضح. هل يمكن أن نأخذ بعض المداخلات؟
أبونا: (1) يسعدني سماع مداخلاتكم وتعليقاتكم.
ختام
(15) المضيف: شكرا أبونا، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين لتواجدكم معنا في هذا البرنامج، وإلى اللقاء في حلقات قادمة. هل يمكن أن تباركنا بصلاة ختامية؟
أبونا: أولا: الصلوات الختامية:
(1) أطلب من أجل: موضوع الحلقة أن تستخدمه لخير النفوس وخلاصها.
(2) كما أطلب من أجل كل المشاركين والمشاهدين أن تباركهم.
(3) وأصلي من أجل قناة الفادي: أن تبارك خدمتها وتبارك الفريق العامل فيها، وتعوضهم عن تعب محبتهم.
(4) كما أطلب من أجل المعضدين للقناة بالصلاة أو التبرعات، لتستمر في خدمتها.
(5) وأصلي من أجل: [..] وضعفي، وكل مقدمي البرامج في القناة، ليتمجد اسمك من خلالنا،
(6) اذكر يارب كل الذين طلبوا منا أن نصلي من أجلهم: [الأسماء المكتوبة ..] آمين.
ثانيا: البركة الختامية:
(1) والآن محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم.
(2) وإلى اللقاء في برامج القناة اليومية. سلام معكم. آمين.