هل يستطيع إنسان مهما بلغ من القدرة أن يحصي الأعمال المجيدة التي قام بها قداسته في زمن وجوده على الأرض كطيف زائر، أو كطير عابر عاد إلى عشه السماوي؟
لقد أصدرت ديوانا كاملا في عام 2001م بعنوان:
البابا شنودة الثالث بين الواقع والأسطورة
قلت في مقدمته: إن ما نراه في الواقع الملموس في شخص قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث من صفات الحب والوداعة واللطف مع الحزم والحكمة والعبقرية الفذة ومضاء العزيمة، إضافة إلى ما يحدث أمام عيوننا من نشاط منقطع النظير في شتى الميادين الروحية واللاهوتية والتعليمية والإنشائية لكنائس وأديرة ومدارس وإكليريكيات، ورسامات أساقفة وكهنة وشمامسة، وتحرير وتأليف ونشر كتب ومجلات، كل هذا وغيره الكثير يجعلنا نرى أن قداسته أقرب إلى الأسطورة منه إلى الواقع. فلولا رؤية العيان ولمس الحواس لما يجري بكل اليقين من حولنا، لظننا أنا نعيش في خيال يصعب تصديقه.
فلو أننا قرأنا في كتب التاريخ عن شخصية تتصف بهذه الصفات وتقوم بكل تلك الأعمال لظننا أن المبالغات قد لعبت دورا كبيرا في خيال المؤرخين. ولكن شكرا لله أننا نعاين ونعايش هذه الأحداث أولا بأول، فنحن شهود لذلك.
وما هذه القصائد إلا شهادة حية لمن كان لي امتياز التلامس معه عن قرب لأرتشف من فيض النعمة المذخرة في شخص قداسته.
أريد أن أذكر قصيدة واحدة من هذا الديوان ألقيتها في حضور قداسته بتاريخ 12 أغسطس 2000م في إنجلترا، ونشرت بمجلة الكرازة في نفس العام، بعنوان:
"أيهـا التاريخُ سجلْ"
أيهـا التاريخُ سجلْ، للـورى في كـلِّ جيـلْ
حبـرُنـا البابا شنودة، غـيـرُ مسبوقِ المثيـلْ
كـرِّموا البابـا المُـعلِّـمْ، مَـنْ بـَنى هذا الرعيـلْ
فـي العلـومِ واللاهـوتْ، ذلِـكَ الـكنـزُ الجليـلْ
كـرِّموا البابـا المُـعلـمْ، مَـنْ أنـارَ ذا السبيـلْ
بـالمـقـالِ والـكـتـابْ، بالـكـثيــرِ والقـليـلْ
بـالعـظـاتِ والخطـابْ، في المـجيءِ والرحيـلْ
أيهـا التـاريـخُ سجـلْ، للـورى في كـلِّ جيـلْ
حبـرُنـا البابـا شنودة، غيـرُ مسبـوقِ المثيـلْ
كـارزٌ جـابَ الـربـوعْ، يبـذُر الحـقَّ الأصيـلْ
عـمَّـر الأرضَ الـبـوارَ، حتى أضـحتْ بيتَ إيلْ
كـمْ بـيـوتَ لـلإلـهِ، شيَّـدَ! نعـمَ الـوكيـلْ
رائـدٌ جـبـارُ بــأسٍ، قـدْ تحـدَّى المستحيـلْ
زِدْتَ مجـداً في القـلوبِ رُغـمَ ذا القـالَ وقيـلْ
أخْـضَـعَ الربُّ الأعـادي دسـتَ إبليـسَ الذليـلْ
عشـتَ عمـلاقـاً فريـداً عبـرَ تـاريـخٍ طويـلْ
أيُّهـا التـاريـخُ سجِّـلْ للـورى في كـلِّ جيـلْ
حبـرُنـا البـابا شنودة غيـرُ مسبـوقِ المثيـلْ
***
فـاقَ حبـاً، فـاقَ لطفـاً فـاقَ في الروح النبيـلْ
طيِّـبُ القـلبِ شَفـوقـاً دمعُـه الحـاني يسيـلْ
لـيـتـيـمٍ أو حـزيـنٍ لضـعيـفٍ أو عـليـلْ
يا لَـهُ من طـبـعِ حـبِّ ذلـك الـطبـعُ الجميـلْ
أيهـا الـتاريـخُ سجـلْ للـورى في كـلِّ جيـلْ
حبـرُنـا البـابا شنودة غيـرُ مسبـوقِ المثيـلْ
***
يَعتـلي العَـرشَ المُفَـدَّى نيِّـفـاً بعـدَ اليـوبيـلْ
بـلْ آلافا مـن سنيـنـا قِسهـا بالفِعـلِ الجليـلْ
طَبْخُهُ المَيْـرون كمْ مِـنْ مـرةٍ، أقـوى دلـيـلْ
سيِّـدي البـابـا شنودة أنـتَ للـمجـدِ سليـلْ
ربـي أنـتَ تسـتـحِـقُّ الحمدَ والشكـرَ الجزيـلْ
إذْ وَهَـبْـتَ للـكَنيسـةِ شخصَه السَّامي النَّبيـلْ
أيهـا الـتاريـخ سجـلْ للـورى في كـلِّ جيـلْ
حبـرُنـا البـابا شنودة غيـرُ مسبـوقِ المثيـلْ
***
واليوم إذ نودع قداسته إلى بيته الأبدي أقول مرثاتي:
(1) يعز عليَّ، رثاءُ حبيبي * ويدمي فؤاديَ هولُ الخبر
(2) ويعتصرُ الحزنُ قلبي الكئيبَ * فِراقُ حبيبيَ سر الكدر
(3) طلبنا من الربِّ يدَّ الشفاءِ * فكان الجوابُ كثيرَ العِبر
(4) فنحن نريدُ بقاءَ الحبيبِ * ولم نرَ هولَ عناءِ الكِبر
(5) وعبءَ السنينَ وحالَ الوهن * وأمراضَ هدَّت قويا صبر
(6) أراد الإلهُ يُريحَ الحبيبَ * دعاه إليه في مجد بهر
(7) نعما يا بابا الكنيسةِ مجدا * بتاج الجهاد وتاج الظفر
(8) تشفَّعَ في، ضعفِ هذا القطيعِ * أمام المسيحِ لدرءِ الخطر
(9) لكي ما يخلِّصَ كلَّ النفوسِ * ويُهْدي خُطاهُمْ إلى من غفر
(10) ستبقى منارا طوال السنينَ * مثالا عظيما لكل البشر
(11) يعزيَ نفسي، قربُ اللقاءِ * فوقتُ انحلاليَ ها قد حضر
(12) عزاءٌ لكل حزينٍ كئيبٍ * فروحُ الإلهِ يُزِيلُ الكَدَرْ
(12) وقربُ مجئ المسيحِ عزاءٌ * فسوف نراه بمجدٍ ظهر
(13) وسوف نراك مع الآتين * على السحب تشدو بلحن الظفر
(14) فهذا الرجاء وهذا العزاء * هـما ذخرُنا برغم القدر
(15) طوباك يابابا بحضن المسيح * يا بابا شنودة يا فمَّ الدرر.
إلى اللقاء يا حبيب المسيح هناك في مجد السماء، فقد قام المسيح وأقامنا معه، أطلب يا أبانا القديس لأجل الكنيسة لكي يدبر لها من يكمل مسيرتكم المقدسة. آمين
وأيضاً يعز على جميع العاملين والخدام فى قناة الفادى، والعاملين فى موقع القناة الألكترونى أن يودعوا لأحضان الآباء القديسين رأس الكنيسة الذى أقامه السيد المسيح على رعيته فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى مصر وسائر بلاد العالم راجين عزاء لجميع محبيه.
وفى هذه الظروف الأليمة نرفع أسمى التعازى للآباء المطارنة والأساقفة الأجلاء أعضاء المجمع المقدس، وجميع الآباء الكهنة والأراخنة والإكليروس وكل الشعب المحب للمسيح فى كنيستنا القبطية الأرثوذكسية واثقين أن الله الذى سبق وأهدانا رجلاً حسب قلبه مثل البابا شنوده الثالث، هو أيضاً يساعدنا ويهبنا من يسير على درب البابا المعظم .. ليتمجد إسم إلهنا فى كنيسته وفى كل العالم .. له وحده كل المجد والكرامة إلى الأبد .. آمين