624ـ موسوعة الحوار المسيحي الإسلامي [61]
(صلب المسيح)
الجانب الموضوعي لآية (سورة النساء 157)
الجمعة 16/2/2024م
(1) مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (624) من "برنامج معرفة الحق" على الهواء مباشرة، من قناة الفادي الفضائية.
(2) دعونا نرفع طلبة في بداية البرنامج: بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
إلهنا الحي أبونا الحنان، أسألك أن تبارك حلقة هذا اليوم لتكون سبب بركة لكل من يشاهدنا. آمين.
******
(3) أحبائي: سوف أواصل حديثي من: موسوعة الحوار المسيحي الإسلامي.
(4) تحدثت في الحلقات الماضية عن اعتراضات المسلمين وتشتمل على ما يلي:
1- وما صلبوه.
2- ولكن شبه لهم.
3- بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ
4- وقولهم: ألا تكفي التوبة للغفران دون ضرورة للصلب؟
5- وأيضا: ما ذنب إنسان برئ ليصلب عن الناس؟
6- وكذلك قولهم: هل تعبدون إلها مصلوبا؟
7- فمن كان يحكم الكون عندما صلب المسيح؟
*******
(5) وقد ناقشنا في الحلقات الأخيرة الماضية الجانب اللغوي لآية (سورة النساء 157) "شبه لهم"
.
(6) واليوم نعرض للجانب الموضوعي لهذه الآية (سورة النساء 157) "وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِنْ شُبِّهَ لهم".
- ونقصد بالجانب الموضوعي هو: ما هو الموضوع الذي تريد هذه الآية أن تبرزه وتؤكده لنا؟
- هل أرادت هذه الآية إنكار الموت والصلب؟
- أم أنها أرادت أن تنفي تبجح اليهود وتباهيهم بأنهم قضوا على المسيح وجعلوه معدوما تماما؟
- بمقابلة آية سورة النساء التي تقول "وما قتلوه يقينا" مع سورة آل عمران (54و55) التي تقول: "مكروا [أي اليهود] ومكر الله والله خير الماكرين، يا عيسى ابن مريم إني متوفيك ورافعك إليَّ وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة" نرى ما يلي:
أولا: أن اليهود قد مكروا لقتل المسيح والقضاء عليه تماما.
ثانيا: أن الله أعظم منهم مكرا، فبعد أن قتلوه رفعه إليه.
ثالثا: إذن لا تعارض بين الآيتين، فسورة النساء لا تنفي القتل بل تنفي القضاء على المسيح نهائيا. الأمر الذي تؤكده سورة آل عمران بأن الله رفعه إليه ليكون حيا خالدا في الآخرة. وبرفع المسيح إلى الله يتحقق قول سورة النساء أنهم لم يقتلوه يقينا، ولكنه خيِّـل لهم ذلك، وهو ضرب من الظنون، وليس اليقين.
** كان هذا عن الجانب الموضوعي، ونأتي إلى جانب آخر وهو:
(7) الجانب الثالث: جانب علم البلاغة والبيان:
- وعلم البلاغة في اللغة هو ببساطة: حسن البيان وقوة التأثير ومطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته.
- فقد جاء في كتاب (فتح الباري شرح صحيح البخاري ج 13 ص 177) "وعــرَّف أهل المعاني والبيان البلاغة بأنها مطابقة الكلام لمقتضى الحال والفصاحة".
- وعلم البيان في اللغة هو أيضا ببساطة: "المنطق الفصيح، وإيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة من تشبيه ومجاز وكناية". (المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية ج 1 ص70و80)
- وكلنا يعلم أن القرآن هو كتاب البلاغة والبيان والفصاحة. ولهذا جاءت تعبيراته فوق مستوى الجهلاء وأنصاف المتعلمين. ولا يمكن فهم معانيه فهما جيدا إن لم يكن الإنسان ملما بمبادئ البلاغة والبيان والفصاحة.
- فدعنا إذن نفحص آية سورة النساء من هذا الجانب البياني البلاغي الفصيح.
أولا: هناك قاعدة بلاغية تقول: أن في أسلوب المقابلة بين أمرين، يأتي أحدهما مسبوقا بأداة النفي (لا النافية) ليس لتنفي حدوث هذا الأمر، بل لتظهر عظمة الأمر الآخر. ولنعط لذلك بعض الأمثلة ثم نطبقها على آية النساء.
(1) جاء في (سفر التكوين 45: 8) يقول يوسف الصديق لأخوته "ليس أنتم أرسلتموني إلى هنا، بل الله" فهذا التعبير البلاغي لا يقصد أن ينكر أن إخوته باعوه إلى التجار الذين أتوا به إلى مصر، بل أراد أن يعظم عمل الله وخطته الحكيمة.
(2) وجاء في سفر (هوشع9: 13) "إني أريد رحمة لا ذبيحة". فهل معنى هذا أن الله يلغي الذبيحة وهي قوام العبادة؟ كلا وإنما هو يعظم الرحمة مع إثبات الذبيحة.
(3) جاء في (سورة الأنفال17) "فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى" في هذه الآية ليس معنى "فلم تقتلوهم" أنه ينفي أنهم قتلوا فعلا، وكذلك ليس معنى "وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى" لا يعني نفي أنهم رموا بالفعل. وإنما أستخدم أسلوب النفي هذا لإظهار عظمة فعل الله.
(4) وتطبيقا على ذلك نقول: أن آية النساء في مقارنتها بين القتل وبين رفع المسيح حيا في قولها "وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه"، فيعظم رفع المسيح حيا ولا ينفي فعل القتل. هذا هو الأسلوب البلاغي الفصيح في إستخدام أداة النفي ليس لإنكار حدوث هذا الأمر، بل لتظهر عظمة الأمر الآخر.
ثانيا: هناك قاعدة بلاغية أخرى توضح الإثبات بصيغة النفي، تماما مثل أسلوب المدح في قالب الذم، أو الذم في قالب المدح الذي نعرفه جيداً. فالآية تقول "وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه" فالقرآن بهذا الأسلوب البلاغي يرد على تبحج اليهود بأنهم قضوا على المسيح تماما، بأنه يؤكد لهم أنه بعدما مكروا هم بقتله مكر الله برفعه إليه فهو تأكيد لرفعه بعد أن قتلوه، وليس الغرض هو إنكار حدوث فعل القتل أو الصلب.
** أخيرا نأتي إلى الجانب الرابع:
(8) الجانب الرابع: الجانب المنطقي في التفسير.
وفي تناولنا لهذا الجانب نوضح ما يلي:
أولا: وردت بالقرآن أربع آيات عن موت المسيح منها: آية واحدة يقول البعض أنها تنفي موت المسيح، ويقومون يتفسير الآيات الأخرى بناء على تفسيرهم لهذه الآية الواحدة.
ثانيا: والواقع أن هناك قاعدة منطقية تقول: لا يمكن تفسير الكل على أساس الجزء، بل على العكس يلزم تفسير الجزء على أساس الكل.
ثالثا: لهذا وجب أن تفسر آية النساء على أساس إجماع الآيات الأخري: في سورة مريم، وآل عمران، والمائدة، التي توضح موت المسيح ورفعه إلى الله بعدها، كما ذكرت سابقا.
# أصلي أن الرب يفتح العيون لتبصر الحق، وينير العقول لتفهم الحقيقة، ويلمس القلوب لتؤمن بالرب يسوع الذي قال: "أنا هو الطريق والحق والحياة، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي". آمين.
*****
(9) ونأتي الآن إلى تمجيد الله من خلال الاستماع إلى اختبارات بعض العابرين.
إختبارات العابرين والعابرات
(10) تفضل عزيزي المخرج أرنا عمل الله.
(تعرض على الشاشة بعض الاختبارات)
******
المداخلات
(11) والآن إلى الفقرة المحببة لنفسي وهي مداخلاتكم.
الختام
(12) شكرا جزيلا لله، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين ولنرفع صلاة في الختام.
(13) البركة الختامية:
والآن محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم.
وإلى اللقاء في برامج القناة اليومية. سلام معكم. آمين.