426ـ صفقة القرن [5]
الأربعاء 19/2/2020م
(1) مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (426) من "برنامج معرفة الحق" على الهواء مباشرة، من قناة الفادي الفضائية.
(2) دعونا نرفع طلبة في بداية البرنامج: بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
إلهنا الحي أبونا الحنان، يامن بقدرتك خلقت الأكوان، ويا من بحكمتك أبدعت الإنسان. نعظمك ونمجدك الآن وكل أوان وإلى آخر الزمان. آمين.
أسألك يا سيدي أن تبارك حلقة هذا اليوم لتكون سبب بركة لكل من يشاهدنا. آمين.
(3) نحن نتكلم في سلسلة متصلة عن: صفقة القرن
(4) وكنا نتكلم عن: الأدلة على وجود مسجد بالجعرانة بالجزيرة العربية بإسم المسجد الأقصى، ولكن رب معترض يقول: ما الذي يمنع أن يكون محمد قد أسرى به إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، وليس بمسجد الجعرانة؟
الإجابة: هذا سؤال منطقي جيد، وللرد عليه يلزم أن أفجر عدة قضايا:
1- هل جاء نص في القرآن عن موقع المسجد الأقصى أنه بالقدس؟
2- هل ذهب محمد بالجسد إلى المسجد الأقصى في ليلة الإسراء؟
3- هل كانت واقعة الإسراء والمعراج مجرد حلم؟
4- خلاصة هذا الأمر.
دعني أناقش كل قضية على حدة؟
(5) القضية الأولى: هل جاء نص في القرآن عن موقع المسجد الأقصى أنه بالقدس؟
1- كلا. لم يرد ذكر نص صريح بالآية اليتيمة التي تتكلم عن الإسراء (سورة الإسراء 1) "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى"
2- وتحديد المكان ببيت المقدس هو اجتهاد مفسرين، لا يعتد به، فأقوال المفسرين متضاربة، والمجتهد يقول أي شيء وهو يعلم أنه سيثاب عليه حتى ولو كان اجتهاده خطأ، كما جاء في (مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 198) "إذا َاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وإذا َاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ" (وقد ورد هذا النص في ما يزيد عن 600 مرجعا تراثيا)
3- وجاء في كتاب (التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب ج 20 ص 258، اسم المؤلف: فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي نشر : دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة : الأولى) "وقوله: "إِلَى الْمَسْجِدِ الاْقْصَى" اتفقوا على أن المراد منه بيت المقدس وسمي بالأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام"
4- وجاء في كتاب (تهذيب الأسماء واللغات ج 3 ص 327، اسم المؤلف: محي الدين بن شرف النووي نشر : دار الفكر - بيروت، الطبعة : الأولى) "المسجد الأقصى هو بيت المقدس باتفاق العلماء وكذا نَقَـل الاتفاق عليه الواحدي"
** إذن الموضوع هو مجرد إتفاق علماء و يوجد نص صريح عليه بالقرآن.
(6) القضية الثانية هل ذهب محمد بالجسد إلى المسجد الأقصى أم بروحه في ليلة الإسراء؟
الإجابة: هذه بالفعل قضية هامة، فقد تضاربت الأقوال حولها، ولنرى بعض المراجع التي تعرضت لذلك:
1- جاء في كتاب (جامع البيان عن تأويل آي القرآن تفسير الطبري ج 15 ص 16) "قال آخرون بل أسري بروحه ولم يسر بجسده، كان معاوية بن أبي سفيان إذا سئل عن مسرى رسول الله قال كانت رؤيا من الله .. وكانت عائشة تقول ما فُقد جسد رسول الله ولكن الله أسرى بروحه"
2- ألم يقل الرسول: "خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء" (التعريفات ج 1 ص 83، اسم المؤلف: علي بن محمد بن علي الجرجاني نشر : دار الكتاب العربي بيروت، الطبعة : الأولى).
3- وجاء في كتاب (تهذيب الاثار مسند ابن عباس ج 1 ص 447) "كانت عائشة تقول: ما فُقد جسد رسول الله ولكن الله أسرى بروحه. وقال هذا حذيفة بن اليمان ينكر أن يكون رسول الله صلى فى المسجد الأقصى ويحلف على ذلك. وهذا معاوية وعائشة يذكران أن مسرى الرسول من مكة إلى المسجد الأقصى إنما كان مسرى روحه دون جسده، وأن الذى رُوى عن النبي من إخباره عما عاين من الأنبياء .. إنما كان ذلك كله رؤيا نوم لا رؤيا يقظة".
4- وجاء في كتاب (شرح صحيح البخاري لابن بطال ج 10 ص 773) "ذكر ابن فورك عن الحسن قال: عُرج بروح النبي، وأما جسده فكان فى الأرض، وهو قول محمد بن إسحاق صاحب السير .. ومن حجة الذين قالوا: أسرى بروحه دون جسده قول أنس فى حديث الإسراء، قال حين أسرى به: "جاءه ثلاثة نفر وهو نائم فى المسجد الحرام .. حتى أتوه ليلة أخرى فيما يَرى قلبه، وتنام عينه ولا ينام قلبه، فذكر النوم فى أول الحديث، وقال فى آخره: "فاستيقظ وهو فى المسجد الحرام" [ويعلق المرجع قائلا]: وهذا بيّن لا إشكال فيه، وإلى هذا ذهب البخارى"
(7) وإلى مزيد من الأدلة والبراهين الدامغة:
1- جاء في (كتاب الشفا للقاضي عياض ج 1 ص 535) "فصل: هل كان الإسراء بالروح أو بالجسد؟ قال: اختلف السلف والعلماء : هل كان إسراءٌ بروحه أو جسده؟ على ثلاث مقالات : فذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح، وأنه رؤيا منام، وإلى هذا ذهب معاوية. و حُكى عن الحسن، وإليه أشار محمد بن اسحاق، وبرهانهم قوله تعالى: وما جعلنا الرؤيا [يذكر أنها مجرد رؤيا] التي أريناك إلا فتنة للناس. وما حكوا عن عائشة: ما فَقَدْت جسد رسول الله. وقوله: بينما أنا نائم. وقول أنس: وهو نائم في المسجد الحرام .. ثم قال في آخرها: فاستيقظت وأنا بالمسجد الحرام"
2- وجاء في (تفسير القرطبي ج 10 ص 208) "هل كان إسراء بروحه أو جسده؟ اختلف في ذلك السلف والخلف فذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح ولم يفارق شخصه مضجعه وأنها كانت رؤيا. ذهب إلى هذا معاوية وعائشة وحُكي عن الحسن وبن إسحاق"
(8) المضيف: ماذا يعني أنه ذهب بروحه وليس بجسده؟ هل معنى ذلك أنه كان نائما، وما رآه كان مجرد حلم؟
الإجابة:
1- هذا ما جاء بالمراجع الإسلامية، وقد أوضحت ذلك في إجابة السؤال السابق، وأضيف أيضا، أن هذا ما قال به الكثيرون ومنهم الجهمية، وما كان من الفقهاء إلا رموهم بالكفر، كعادتهم مع كل من يقول كلمة الحق التي لا تكون على هواهم.
2- فقد جاء في كتاب (التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع للملطي ج 1 ص 99) "أنكروا الإسراء: أي أن يكون رسول الله أُسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وأنكروا الرؤيا وزعموا أنها أضغاث أحلام .. [ويضيف المرجع]: وهذا إجماع كلام الجهمية"
(9) خلاصة هذا الكلام على أن حادثة الإسراء والمعراج مختلف عليها فهناك:
1- من يعترف بوقوعها بالجسد والروح.
2- ومن يقول أنها تمت بالروح فقط كرؤيا أو كحلم، وليس بالجسد.
3- ومن ينكرها تماما، لا بالروح ولا بالجسد.
4- وهناك من يعترف بالإسراء وينكر المعراج أمثال الدكتور يوسف زيدان مدير مكتبة الإسكندرية السابق:
https://www.youtube.com/watch?v=NjcxxPA1nro
(فيديو من ق 0.00 إلى ق 0:11) "الإسراء ثابت في القرآن، بس المعراج أنا مش عارف جابوها منين".
(10) الأمر الذي يشكك في وقوع الحدث أساسا:
1- خاصة وأن هذه الآراء المختلفة مثبته في المصادر الإسلامية الموثوق بها،
2- وهي لأشخاص معتبرين معاوية وعائشة وحُكي عن الحسن وبن إسحاق، وكلهم ثقاة ممن تثق فيهم الأمة الإسلامية.
(11) أنا أعلم:
1- أن هذا أمر صادم لأحبائنا المسلمين،
2- ولكني مجرد ناقل لما هو مدون في كتب الإسلام التراثية،
3- التي يجب وضعها في الاعتبار عندما تجلس كل الأطراف معا على مائدة الحوار العلمي الأكاديمي المنفتح دون تعصب أو تشنج.
(12) وسوف أستكمل الموضوع في الحلقات القادمة بمشيئة الله.
وصلاتي وطلبتي أن يحقق الله السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي الشرق الأوسط، بل وفي العالم أجمع. آمين.
إختبارات العابرين والعابرات
(13) نأتي الآن إلى تمجيد الله من خللال الاستماع إلى اختبارات العابرين.
تفضل عزيزي المخرج أرنا عمل الله.
(تعرض على الشاشة بعض الاختبارات)
المداخلات
(14) نمجد الله في خلاص الكثيرين والكثيرات،
ويسعدنا الآن إلى مداخلاتكم التي يسعدني سماعها.
ختام
(15) شكرا جزيلا لله، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين ولنرفع صلاة في الختام.
أبونا: أولا: الصلوات الختامية:
1- شكرا لك يا رب لأجل كل ما كلمتنا عنه.
2- اذكر كل المشاركين والمشاهدين أن تباركهم.
3- واذكر قناة الفادي لتبارك خدمتها والفريق العامل فيها.
4- واذكر المعضدين للقناة لتعوضهم بكل بركة روحية.
5- اذكر يارب كل الذين طلبوا منا أن نصلي من أجلهم: [الأسماء المكتوبة ..] آمين.
ثانيا: البركة الختامية:
1- والآن محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم.
2- وإلى اللقاء في برامج القناة اليومية. سلام معكم. آمين.
