147ـ المحكم والمتشابه
الجمعة 20/6/2014م
(تقديم: يوحنا زكريا)
(1) المضيف: مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (147) من "برنامج معرفة الحق" على الهواء مباشرة، من قناة الفادي الفضائية. ومعنا أبونا القمص زكريا بطرس.
أبونا: مرحبا بك، ومرحبا بكل المشاهدين المحبوبين.
(2) المضيف: هل ترفع لنا طلبة في بداية البرنامج؟
أبونا: (1) بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين (2) أسألك أن تبارك هذه الحلقة لتكون سبب خلاص للكثيرين. في إسم يسوع المسيح. آمين.
(3) المضيف: بدأت معنا سلسلة منهج الكرازة للمسلمين، فهل تعرض لنا ذلك مرة أخرى؟
أبونا: (جدول منهج خدمة المسلمين)
1ـ أساسيات الكرازة
2ـ إستراتيجية الكرازة: إزالة العقبات / كشف حقيقة الإسلام
3ـ تلمذة العابرين
(4) المضيف: هل يمكن أن تذكرنا بموضوع الحلقات السابقة؟
أبونا: (1) الحلقات السابقة كانت عن قضية الناسخ والمنسوخ في القرآن.
(5) المضيف: وما هو موضوع حلقة اليوم؟
أبونا: هناك مشكلة أخرى في القرآن تشبه مشكلة الناسخ والمنسوخ تعرف بالمحكم والمتشابه. ولنتعرف على:
1ـ مفهوم المحكم والمتشابه.
2ـ أنواع المتشابه.
3ـ خطورة المتشابه.
() المضيف: ما هو مفهوم المحكم والمتشابه؟
أبونا: (1) جاء في (سورة آل عمران7) "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات"
(2) وهناك ثمانية مفاهيم للمحكم والمتشابه:
جاء في كتاب (الحاوي الكبير ج 16 ص 71، المؤلف: بن حبيب الماوردي، نشر: دار الكتب العلمية بيروت 1999م، الطبعة الأولى): "اختلف أهل العلم في المحكم والمتشابه على ثمانية أقوال: أحدها: أن المحكم الناسخ والمتشابه المنسوخ. وهذا قول ابن عباس وابن مسعود. والثاني: أن المحكم الفرائض والوعد والوعيد، والمتشابه القصص والأمثال وهو قول مأثور. والثالث: أن المحكم الذي لم تتكرر ألفاظه والمتشابه الذي تكررت ألفاظه وهذا قول عبد الرحمن بن زيد. والرابع: أن المحكم ما علم العلماء تأويله وفهموا معناه، والمتشابه ما لم يكنلهم إلى علمه سبيل، مما استأثر الله تعالى بعلمه: كقيام الساعة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى، وغيره، وهذا قول جابر. والخامس: أن المحكم: ما أحكم الله بيان حلاله وحرامه، فلم تشتبه معانيه. والمتشابه: ما اشتبهت معانيه، وهذا قول مجاهد. والسادس: أن المحكم ما لم يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا، والمتشابه ما احتمل من التأويل أوجها، وهذا قول محمد بن جعفر بن الزبير. والسابع: أن المحكم ما قام بنفسه، ولم يحتج إلى استدلال، والمتشابه ما لم يقم بنفسه واحتاج إلى استدلال، وهو قول بعض المتكلمين. والثامن: أن المحكم ما كانت معاني أحكامه معقولة والمتشابه ما كانت معاني أحكامه غير معقولة كأعداد الصلوات، واختصاص الصيام بشهر رمضان دون شعبان".
() المضيف: هل توجد آراء أخرى لفقهاء آخرين؟
أبونا: هناك رأي يقول: أن المتشابه هو ما أخفاه الله: (1) فقد جاء في كتاب (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ج1 ص 222، المؤلف: الأشعري أبو الحسن، نشر: دار إحياء التراث العربي بيروت، الطبعة الثالثة): "اختلفت المعتزلة في محكم القرآن ومتشابهه. فقال واصل بن عطاء وعمر بن عبيد المحكمات ما اعلم الله سبحانه من عقابه للفساق كقوله ومن يقتل مؤمنا متعمدا وما اشبه ذلك من آى الوعيد. وقوله: "وآخر متشابهات" فقول اخفى الله عن العباد عقابه عليها، ولم يبين انه يعذب عليها كما بين في المحكم منه".
() المضيف: هل يوجد مزيد من المعاني للمتشابه؟
أبونا: نعم جاء ذلك بمعنى أن المتشابه هو المنسوخ:
(1) فقد جاء في كتاب (معاني القرآن الكريم ج 1 ص 352 و353، المؤلف: النحاس، نشر: جامعة أم القرى مكة المكرمة 1409 هـ، الطبعة الأولى): "كل من عند ربنا: "المحكم الذي لا ينسخ نحو الاخبار ودعاء العباد إلى التوحيد. والمتشابه ما يحتمل النسخ من الفرائض، لم يكن إلى العباد علم تاويله وما يثبت عليه. ومن جعل تأويله بمعنى تفسيره لانه ما يؤول اليه معنى الكلام"
() المضيف: هذه معان مختلفة للمتشابه، هل بقيت معاني أخرى؟
أبونا: (1) قالوا أيضا أن المتشابه هو ما يُؤْمَنُ به ولا يُعْمَلُ به:
جاء في كتاب (تفسير الثعالبي الجواهر الحسان في تفسير القرآن ج 3 ص 10، المؤلف: محمد بن مخلوف الثعالبي الوفاة: 875، نشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت): "المتشابه: هو المنسوخ الذي يؤمن به ولا يعمل به، هي رواية عطيه عن ابن عباس ... روى عليُّ ابن أبي طلحة قال: محكمات القرآن ناسخة، وحلاله، وحرامه، وحدوده، وفرائضه، وما يؤمر به ويعمل به. والمتشابه: منسوخه، ومقدمه، ومؤخره، وأمثاله، واقسامه، وما يؤمن به ولا يعمل به".
(2) وقالوا كذلك: المتشابه هو الوعيد الملتحق بأصحاب الصغائر:
جاء في كتاب (البرهان في أصول الفقه ج1 ص 283 و284، المؤلف: الجويني أبو المعالي، نشر: الوفاء المنصورة مصر 1418هـ، الطبعة الرابعة): "معنى المحكم والمتشابه: فأما المحكم والمتشابه فقد ذهب عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء إلى أن المحكم الوعيد بالفسقة من مرتكبي الكبائر بناء على أصله. والمتشابه الوعيد الملتحق بأصحاب الصغائر".
(3) وقالوا أيضا: المتشابه هو الحروف المقطعة في أوائل السور: جاء في كتاب (البرهان في أصول الفقه ج1 ص 283 و284، المرجع السابق): "المتشابه هو الحروف المتقطعه".
() المضيف: ما هذه الأقوال المختلفة ألم يصلوا إلى تفسير متفق عليه؟
أبونا: لا. لم يتفقوا بل هناك المزيد من الآراء الأخرى، منها:
(1) أن المتشابه هو ما يعجز الذهن عن تمييزه: كما جاء في كتاب (التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب ج 7 ص 257، المؤلف: فخر الدين الرازي نشر: دار الكتب العلمية بيروت 1421هـ، الطبعة الأولى): "أما المتشابه فهو أن يكون أحد الشيئين مشابهاً للآخر بحيث يعجز الذهن عن التمييز. قال الله تعالى: "إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا" (البقرة70). وقال في وصف ثمار الجنة: "وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً" (البقرة25) أي متفق المنظر مختلف الطعوم، وقال الله تعالى: "تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ" (البقرة118). ومنه يقال: اشتبه عليَّ الأمران، إذا لم يفرق بينهما ... وقال عليه السلام: "الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور متشابهات" وفي رواية أخرى مشتبهات".
(2) وقيل أيضا: المتشابه ما ورد في صفات الله: كما جاء في كتاب (روضة الناظر وجنة المناظر ج 1 ص 66، المؤلف: بن قدامة المقدسي، نشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الرياض 1399هـ الطبعة الثانية): "الصحيح أن المتشابه ما ورد في صفات الله سبحانه مما يجب الإيمان به ويحرم التعرض لتأويله كقوله تعالى "الرحمن على العرش استوى" "بل يداه مبسوطتان") "لما خلقت بيدي" "ويبقى وجه ربك" "تجري بأعيننا" ونحوه فهذا اتفق السلف رحمهم الله على الإقرار به وإمراره على وجهه وترك تأويله فإن الله سبحانه ذم المبتغين لتأويله"
() المضيف: ما هذا التضارب والتناقض والاختلاف في مفهوم المتشابه.
أبونا: هذا هو الإسلام. ولا أدري كيف يأمن المسلم على نفسه ومصيره الأبدي على دين هذا قرآنه، الذي لا تفسير له. وكل محاولات التبرير إنما تظهر الفضيحة الكبرى لهذا الدين في معتقداته.
() المضيف: قلت أنك ستكلمنا عن: أنواع المتشابه. فما هي؟
أبونا: ذكر الفقهاء أن للمتشابه أنواع كثيرة، فقد جاء في كتاب (فهم القرآن ومعانيه ج 1 ص 325، المؤلف: الحارث المحاسبي، نشر: دار الكندي, دار الفكر بيروت 1398هـ، الطبعة الثانية): "أن القرآن منه ناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وله وجوه فمنه: متشابه في التلاوة من غير أن ينسخ بعضه بعضا. ومنه متشابه لاختلاف أوقاته في الواجب وفيالكائن مما أخبر الله أنه كائن. ومنه متشابه والمعاني مختلفة. ومنه مقدم ومؤخر. ومنه خاص وعام. ومنهموصول ومفصول. ومنه غريب اللغة. ومنه ما لا يعرف معناه إلا بالسنة أو بالإجماع. ومنه ما لا يعرف معناه إلا بعد تلاوة ما يأتي في سورته وغير ذلك".
() المضيف: نأتي إلى خطورة المحكم والمتشابه، فما هي؟
أبونا: للمحكم والمتشابه خطورة شديدة تتضح مما يلي:
الخطورة الأولى: أنه يتسبب في الكفر: جاء في كتاب (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ج 7 ص 273، المؤلف: برهان الدين البقاعي، نشر: دار الكتب العلمية بيروت 1415هـ): "بعض الذي تختلفون (الآن) فيه، ولا تزالون تجددون الخلاف بسببه, وهذا البعض الظاهر بما يرشد إليه ختام الآية أنه المتشابه الذي كفروا بسببه"
الخطورة الثانية: المتشابه سبب الخلاف بين المذاهب: (1) جاء في كتاب (أساس التقديس في علم الكلام ج 1 ص 136 و137، المؤلف: الإمام فخر الدين الرازي، نشر: مؤسسة الكتب الثقافية بيروت 1415هـ): "كل واحد من أصحاب المذاهب يدعي أن الآيات الموافقة لمذهب الخصم متشابهة. فالمعتزلي يقول إن قوله "فمن شاء فليؤمنومن شاء فليكفر" محكمة. وقوله "وما تشاءون إلا أن يشاء الله" متشابهة والسني يقلب القضية في هذا الباب والأمثلة كثيرة"
الخطورة الثالثة: يتبعه أهل الزيغ: جاء في كتاب (كشف المشكل من حديث الصحيحين ج 4 ص 257، المؤلف: أبو الفرج الجوزي، نشر: دار الوطن الرياض 1418هـ): "اختلف العلماء في المحكم والمتشابه على أقوال كثيرة ... وأظهر الأقوال في المحكم أنه الذي يتبين معناه بنفس تلاوته . وأما المتشابه فينقسم : فمنه ما إذا رد إلى المحكم واعتبر به عقل معناه، ومنه ما لا سبيل إلى معرفة كنهه، وهو الذي انفرد الحق عز وجل بعلمه، وهو الذي يتبعه أهل الزيغ ويطلبون سره، كالقدر ونحوه"
الخطورة الرابعة: أنهم يؤمنون به ولا يدينون به ولا يعملون به: (1) جاء في كتاب (جامع البيان عن تأويل آي القرآن تفسير الطبري ج 3 ص 186): "عن بن عباس "والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا" يؤمن بالمحكم ويدين به ويؤمن بالمتشابه ولا يدين به وهو من عند الله كله. عن الضحاك في قوله "والراسخون في العلم" يعملون به يقولون نعمل بالمحكم ونؤمن به ونؤمن بالمتشابه ولا نعمل به وكل من عند ربنا"
الخطورة الخامسة: الاعتقاد بما لا يرضي الله: جاء في كتاب (فهم القرآن ومعانيه ج 1 ص 325، المؤلف: الحارث المحاسبي، نشر: دار الكندي, دار الفكر بيروت 1398هـ، الطبعة الثانية): "في المحكم والمتشابه: قلت ما الذي ينبغي لي أن أعرفه قبل طلب الفهم لكتاب الله عز وجل لأن لا أغلط فأعتقد ما لا يرضي الله جل ثناؤه من المعاني أو أنفي ما يرضيه من المعاني فاخطر عليه فابتدع بدعة أو أوجب فرضا قد أسقط بالنسخ بعد وجوبه أو يشتبه علي تلاوته فيجد العدو موضع تزين للشك فيما اشتبه علي وأقدم ما أخره أو أؤخر ما قدمه أو أعم خبرا أو فرضا أو وعيدا خاصا فأظنه عاما أو أخص خبرا أو وعيدا أو أمرا عاما فأجعله خاصا أو أبدل محكما متشابها أو متشابها محكما".
** فكيف يمكن أن يكون الكتاب الذي يحوي هذا المحكم والمتشابه بما فيه من خطورة تؤدي إلى الكفر والابتداع، كيف يكون هذا الكتاب موحى به من عند الله؟
(13) المضيف: نشكر الله على هذه الإيضاحات، أيها الأحباء المشاهدين حيث أن هذه الحلقة مسجلة مسبقا لسفر القمص زكريا لهذا نأسف لعدم أخذ مداخلات، لكن يمكنكم المشاركة على عنوان الموقع:
www.alfadytv.tv
هل تتفضل بالصلاة في الختام؟
أبونا: (1) قبل أن أصلي أريد ان أقول أنني الأسبوع المقبل لن أكون موجود مباشر في الأستوديو، ولكن ستكون حلقة معادة, ونلتقي الأسبوع التالي. وأرجو صلواتكم من أجل الرحلة الكرازية التي سأكون فيها.
(2) شكرا/ وصلاة/ محبة الله الآب ونعمة الإبن الوحيد وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم، امضوا بسلام.