برنامج حياتك الروحية
الحلقة (10) يوم الثلاثاء 15 /11/ 2011م
(نعمة الخلاص: تابع مفهومها)
(الأخت ريتا)
(1) المضيفة: 1ـ مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة العاشرة من برنامج "حياتك الروحية" من قناة الفادي الفضائية، ومعنا القمص زكريا بطرس، مرحبا بك
أبونا: مرحبا بك، وبالمشاهدين الأحباء
(2) المضيفة: هل ترفع لنا طلبة في البداية؟
أبونا: بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين"
"لِكَلِمَاتِي أَصْغِ يَا رَبُّ. تَأَمَّلْ صُرَاخِي. اسْتَمِعْ لِصَوْتِ دُعَائِي يَا مَلِكِي وَإِلَهِي لأَنِّي إِلَيْكَ أُصَلِّي. يَا رَبُّ بِالْغَدَاةِ تَسْمَعُ صَوْتِي. بِالْغَدَاةِ أُوَجِّهُ صَلاَتِي نَحْوَكَ وَأَنْتَظِرُ" (مز5: 1ـ3) نعم يارب اسمع صراخنا ودعاءنا، فأنت مَلِك حياتِنا، وها نحن يارب نوجه إليك صلاتنا وننتظر استجابتَك، فأنت تحبُّنا، وتَقْدِرُ أن تعينَنا، وبحسب حكمتك أجب طلباتنا، ونسألك أن تبارك رسالة هذه الحلقة لخلاص النفوس ومجد اسمك القدوس. آمين).
(3) المضيفة: ماذا ستقدم لنا اليوم في برنامج "حياتك الروحية"؟
خريطة موضوع الخلاص
أبونا: أريد أن أذكركم أيضا أيها الأحباء من جديد بخريطة موضوع الخلاص التي تكلمت عنها في الحلقات الماضية. (الجدول)
الخلاص يشمل: (1) جوهر الخلاص (2) قضية الخلاص (3) نعمة الخلاص (4) إتمام الخلاص. فبخصوص
أولا: جوهر الخلاص: يشمل: (1) مفهوم الخلاص (2) ودوافع الخلاص (3) وطرق الخلاص (4) وعمل الخلاص.
ثانيا: قضية الخلاص: تشمل: (1) فلسفة الخلقة (2) مشكلة الخطية (3) تدبير الخلاص.
ثالثا: نعمة الخلاص: تشمل: (1) مفهوم النعمة (2) عمل النعمة (3) مجال النعمة (4) وسائط النعمة.
رابعا: إتمام الخلاص: يشمل: (1) خطر الارتداد (2) حتمية الجهاد (3) أهمية التدريبات.
(4) المضيفة: هل يمكن أن تلخص لنا موضوع الحلقة السابقة؟
أبونا: كان موضوع الحلقة السابقة عن نعمة الخلاص بخصوص العناصر التالية:
1ـ مفهـوم النعمـة
2ـ عمــل النعمـة
3ـ مجــال النعمـة
4ـ وسـائط النعمـة
ولم يتسع الوقت للكلام إلا عن:
1ـ العـطـيـة المجـانيـة،
2ـ والعـطـيـة العموميـة،
(5) المضيفة: وفيما ستكلمنا اليوم؟
أبونا: اليوم أواصل الحديث عن الجانب الثالث وهو أن: النعمة ليست من أعمال بشرية. فإذ قد وضحنا أن النعمة هي عطية مجانية، فمعنى ذلك أنها ليست من أعمال بشرية. ويؤيد هذه الحقيقة كثير من الآيات الكتابية وأقوال الآباء القديسين. (1) فبولس الرسول يقول في (رو6:11) "فإن كان بالنعمة فليس بعد بالأعمال، وإلا فليست النعمة بعد نعمة". (2) ويعود أيضاً ليزيد الأمر إيضاحاً فيقول في: (تى5:3-7) "لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا … حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية". (3) ويوضح الرسول السر في هذا، وهو منع الافتخار. لأن الإنسان إن كان يخلص بأعماله، فيحق له أن يفتخر، لأن ذراعه قد خلصته. (4) ولكن الرسول يقول في صراحة لا تحتمل التأويل في (أف8:2،9) "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان. وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد". (5) ويقول بولس الرسول أيضاً في رسالة: (فى9:3) "ليس لي برى الذي من الناموس بل الذي بإيمان المسيح البر الذي من الله بالإيمان" (6) ويعود فيقول في (غل16:2): "إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس بل بإيمان يسوع المسيح آمنا نحن أيضاً بيسوع المسيح لنتبرر بإيمان يسوع لا بأعمال الناموس. لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما"
(6) المضيفة: قد يقول قائل أن المرفوض هو أعمال الناموس أي العهد القديم، فما رأيك؟
أبونا: (1) أعمال الناموس هي الأعمال البشرية التي يقوم بها الإنسان، وهي مرفوضة ليس لأنها أعمال العهد القديم، بل المرفوض هو المبدأ نفسه، أي الاتكال على الأعمال البشرية وليس الاتكال على دم المسيح (2) لهذا جاء في 1ـ (رو6:11) "فإن كان بالنعمة فليس بعد بالأعمال، وإلا فليست النعمة بعد نعمة". 2ـ وفي: (تى5:3-7) "لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا" 3ـ وفي (أف8:2،9) "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان. وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" (3) لهذا أخشى يا أخي المشاهد وأنت مسيحي، أن تكون عائشا كما كان اليهود يعيشون. فتعتمد على مجرد تأديتك لبعض فرائض العبادة، دون أن تكون لك العلاقة الشخصية، المبنية على بر المسيح، ودون أن يكون لك الاتكال الفعلي على عمل النعمة المجاني، فالرسول يقول (1بط13:1) "القوا رجاءكم بالتمام على النعمة التي يؤتى بها إليكم"
(7) المضيفة: هذا يطرح سؤالا جوهريا وهو: هل الخلاص بالنعمة والإيمان، أم بالجهاد والأعمال؟
أبونا: قبل أن أذكر أقوال الآباء القديسين عن ذلك، أحب أن اقول: أولا: أن الخلاص تم بموت المسيح الكفاري على الصليب، (1) ولهذا قال الكتاب المقدس في (أع4: 12) "ليس بأحد غيره الخلاص" (2) وقال أيضا: (اف2: 8) "لانكم بالنعمة مخلصون بالايمان وذلك ليس منكم هو عطية الله" ثانيا: إن دور الأعمال هي أنها ثمرة حتمية للإيمان كما قال الكتاب المقدس في: (1) (مت3: 8) "فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة" (2) وأيضا في: (تي3: 8) "أريد ان تقرر هذه الامور لكي يهتم الذين امنوا بالله ان يمارسوا اعمالا حسنة"
(8) المضيفة: وما هو رأي الآباء الأول في هذا الموضوع؟
أبونا: هذه بعض أقوال الآباء القديسين: (1) وقال القديس مار افرام السرياني "إن لم تشرق علىَّ رأفتك يا الله سريعاً فليس لي من أعمالي ولا رجاء واحد للخلاص" (2) وجاء في (كتاب السبع طلبات لمشاهير قديسي الكنيسة ص46 طبع دير السريان بمصر)، وأيضا في كتاب (الأجبية في صلاة نصف الليل) "وبأعمالي ليس لي خلاص … فلهذا أسأل بعين رحيمة يارب أنظر إلى ضعفي وذلي ومسكنتي". (3) وقال القديس برصنوفيوس في (كتاب بستان الرهبان ص 181) "ويصبح الإنسان لابساً لله … وحينئذ تنفتح عينا قلبه وينظر النور الحقاني ويفهم أن يقول "إني بالنعمة تخلصت بالرب يسوع المسيح" (4) ومن أقوال القديس أغسطينوس
(Nicene & Post Nicene Fathers 1st Ser, Vol. 5, P. 92)
"إن الإنسان لا يتبرر بمظاهر حياة القداسة وإنما بالإيمان بالرب يسوع، أي ليس بالأعمال بل بالإيمان، وليس بالأعمال الصالحة بل بالنعمة المجانية." (5) ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم:
(Nicene & Post Nicene Fathers 1st Ser, Vol. 5, P. 92)
"لا تشك إذن فالخلاص بالإيمان وليس بالأعمال".
(9) المضيفة: قد يسألنا أحدهم هل معنى هذا أن الذي يخلص بالنعمة لا يهتم بالأعمال الصالحة؟
أبونا: (1) لا ليس كذلك فبولس الرسول الذي قال في (تي5:3) "لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا". (2) أكمل حديثه قائلاً: (تي8:3) "وأريد أن تقرر هذه الأمور لكي يهتم الذين آمنوا بالله أن يمارسوا أعمالا حسنة". فواضح أنه بعد الإيمان يمارس أعمالا حسنة. (3) فإن من يخلص بالنعمة يُخْلَق خليقة جديدة، فيترك أعماله الشريرة ويسلك في أعمال صالحة. (4) لهذا فقد حرص بولس الرسول أيضاً بعد قوله في: (أف2: 7 و8) "بالنعمة أنتم مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" (5) أكمل قائلا في نفس الإصحاح (أف10:2) "لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها" (6) ومن أجمل ما قاله بولس الرسول (تى11:2 و12): "لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس معلمة إيانا أن نكرر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر"
(10) المضيفة: هذه آيات كتابية وأقوال آبائية جميلة، ولكن هل يمكن أن تناقش الموضوع منطقيا ليشبع تساؤلات العقل؟
أبونا: نناقش الموضوع منطقيا: الخلاص لا يمكن أن يكون بواسطة أعمالنا، لماذا؟ لأن أعمالنا لا تستطيع أن توفي عدل الله وذلك لأنه كما قلت في حلقات سابقة:
(1) إذ أخطأنا إلى الله غير المحدود، صارت خطيتنا غير محدودة
(2) والخطيـة غيـر المحــدودة، تستلزم عقوبة غير محدودة
(3) والعقـوبة غيـر المحــدودة، تحتاج لكفارة غير محدودة
(4) والواقع أن أعمالنا الصالحة مهما كانت فهي محدودة. لهذا فهي لا تستطيع أن تكفر عن خطيتنا غير المحدودة. (5) فمن ذلك نستخلص أنه لا توجد كفارة لخطايانا سوى المسيح غير المحدود الذي يخلصنا من عقوبة خطايانا غير المحدودة "ليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص." (أع12:4). (6) هذا ولا يمكن أن تكون هناك مغفرة للخطايا بدون سفك دم 1ـ كما يقول الكتاب "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب22:9). 2ـ والأعمال البشرية ليس فيها سفك دم! حتى وإن سفك الإنسان دماً، كأن يقدم ذبيحة حيوانية، فهذا أيضا لا يصلح لمغفرة الخطايا إذ يقول بولس الرسول "لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا" (عب4:10). 3ـ أما الذبائح الحيوانية قديماً فكانت رمزاً لذبيحة المسيح علي الصليب، فما عاد للذبائح الحيوانية في العهد القديم قيمة في غفران الخطايا. (7) فمن هذا يتضح لنا أن الأعمال البشرية مهما عظمت لا تستطيع أن تكفر عن أية خطية مهما صغرت. فلا يوجد سوى "وسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع" (1تى5:2 و6). (8) فشكراً لله الذي إذ وجد أن أمر خلاصنا يتطلب سفك دم طاهر، بذل ابنه الوحيد ليتمم لنا هذا العمل الجليل.
(11) المضيفة: كان هذا عن استحالة الخلاص من قصاص الخطية بواسطة الأعمال البشرية. فماذا عن الخلاص من سلطان الخطية وقوتها؟
أبونا: (1) كثيرون يقولون إننا نؤمن أن المسيح غفر خطايانا، وأنه مستعد أن يغفر كل زلاتنا، ولكن ما يحزننا هو عدم استطاعتنا السلوك بالقداسة. فكلما حاولنا أن ننتصر نجد أنفسنا ساقطين تحت سلطان الخطية تماماً كما قال بولس الرسول (رو18:7) "الإرادة حاضرة عندي وإما أن أفعل الحسنى فلست أجد". وهذا هو ما يفشلنا من الحياة مع المسيح. (2) أقول لك يا عزيزي إن محاولة تهذيب نفسك بالوسائل المختلفة، لا يجدي نفعاً مع طبيعتنا الفاسدة الساقطة، إذ سرعان ما تعود النفس إلى قيئها، كما يقول بطرس الرسول في (2بط2: 22) مِثْلُ "كلب قد عاد الى قيئه، وخنزيرة مغتسلة الى مراغة الحماة". (3) وقد قال القديس يوحنا ذهبي الفم، في مجموعة أقوال آباء مجمع نيقية وما بعد مجمع نيقية المعروفة بإسم:
(Nicene & Post Nicene Fathers 1st Ser, Vol. X1 P. 412)
قال عن المؤمنين أنهم: "كانوا أشراراً ومستعبدين، لكنهم تحرروا ليس بمجهوداتهم الشخصية ولكن بالنعمة، لم تكن توجد أية قوة بشرية تستطيع أن تحررنا من شرورنا، ولكن شكراً لله الذي أراد واستطاع أن ينجز هذا العمل الجليل". (4) ويتضح ذلك من القصة الآتية التي قرأتها في (بستان الروح، ج 1 ص 368، للمتنيح الأنبا يؤنس أسقف طنطا)
ذكر عن أب راهب كان ساكناً في دير، مداوماً على الصمت، لكنه كان يغضب في بعض الأحيان أثناء اتصالاته ببعض الاخوة. فقال في نفسه "أمضى واسكن وحدي في مغارة وحيث لا يكون هناك أحد ساكناً معي، فسوف أهدأ ويخف عني وجع الغضب". فخرج وسكن وحده في مغارة. وفي أحد الأيام ملأ (القلة) ماء ووضعها على الأرض، ولوقتها تدحرجت وانسكب ما فيها. فأخذها وملأها ثانية ووضعها. فانسكبت كذلك، وهكذا مرة ثالثة. فغضب وأمسكها وضربها على الأرض فتحطمت.
فلما هدأ ورجع إلى ذات، قال لنفسه: "هوذا قد انغلبت وأنا في الوحدة كذلك. فلأذهب إلى الدير لأنه في كل موضع يحتاج الإنسان إلى معونة من الله" (4) من هذه القصة يتضح لنا حقيقة النفس البشرية، فلقد حاول الراهب أن يهذب نفسه بالصمت والابتعاد عن الناس، وعاش في وحدة، ورغم ذلك فلا زالت طبيعته في الداخل كما هي، لم تتغير. فتحقق أخيراً أنه محتاج إلى معونة الله أي إلى النعمة المخلصة.
(12) المضيفة: ماذا تفعل النعمة حتى يتغير الإنسان؟
أبونا: (1) النعمة تقوم بتغيير القلب من الداخل حتى تصدر منه الصالحات، كما قال رب المجد (لو45:6) "الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصالحات". (2) ولهذا فقد وضح أيضاً الرب حقيقة في غاية الأهمية بخصوص هذا الموضوع إذ قال (مت18:7) "لا تقدر شجرة ردية أن تصنع أثمار جيدة". (3) لهذا فمن العبث أن نطلب من القلب الردئ أن يصنع أثماراً جيدة، إذ يلزم تغييره أولا، ومن أجل ذلك قال رب المجد (مت22:12) "اجعلوا الشجرة جيدة (ليكون) ثمرها جيداً".
(13) المضيفة: ولكن كيف يمكن تغيير هذا القلب؟
أبونا: (1) لا يمكن أن يتغير القلب إلا بمعجزة إلهية! (2) نعم الأمر يحتاج إلى معجزة ينزع بها الرب القلب القديم ويضع عوضاً عنه قلباً جديداً. هذا العمل هو الذي وضحه في (حز26:36) قائلا: "أعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جديدة في داخلكم. وأنزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم. وأجعل روحي في داخلكم". (3) هذا العمل ضروري لكل نفس تريد أن تسلك في وصايا الله وتحيا بالقداسة. (4) وإذ قد عرف هذا الأمر داود النبي نراه يصرخ للرب طالباً إجراء هذه العملية المعجزية فيقول (مز10:51) "قلباً نقياً اخلق في يا الله وروحاً مستقيما جدد في داخلي". (5) فلابد أن داود النبي قد سمع بما حدث مع شاول الملك عندما دعاه الرب إذ قال له على لسان صموئيل النبي (1صم6:10) "يحل عليك روح الرب، وتتحول إلى رجل آخر". (6) ويسجل الكتاب المقدس إجراء هذه العملية له فيقول (1صم9:10) "وكان عندما أدار كتفه لكي يذهب من عند صموئيل أن الله أعطاه قلباً آخر"
(14) المضيفة: وكيف تجرى هذه العملية؟
أبونا: (1) يوضح الكتاب المقدس الطريقة التي بها تتم، في معرض حديثه عن الجماعة التي تبعت شاول الملك بعد التغيير فيقول (1صم26:10) "وذهب معه الجماعة التي مس الله قلبها". (2) آه يا أخي ليت الله يمس قلبك الآن فتتحول إلى رجل آخر (3) هناك قصة تقول: إن أحد الملوك اصطحب وزيره في نزهة خلوية، فمرا على بركة بها خنازير تتمرغ في الوحل وتأكل الرمم. فقال الوزير للملك: هل تستطيع يا جلالة الملك أن تغير طبع الخنزيرة حتى تبغض الوحل وتكره الرمم؟ فأجاب الملك بأن ذلك أمر هين، فإذا تعودت الخنزيرة على النظافة، تَهَذَّبَ طبعُها وأبغضت القاذورات. فطلب الوزير من الملك أن يجرى هذه التجربة. فأرسل الملك واحدا من الجنود واستحضر خنزيرة، وأمر بأن تُطْعم من أطايب الملك ومن طيب مشروبه، وأن تغسل بالماء والصابون يومياً، وتُكْسَى بأفخر الثياب. وبعد مدة من الزمن ظن الملك أن الخنزيرة قد تغير طبيعُتها، وتعودت على النظافة، فاصطحب الوزير، وأخذا معهما الخنزيرة إلى البركة، وما أن اقتربت الخنزيرة من البركة حتى اندفعت بكل قوتها لتتمرغ في الطين والوحل الذي حرمت منه هذه المدة الطويلة. فاندهش الملك وطلب من الوزير أن يغير طبع الخنزيرة نفسها، وقبل الوزير التحدي، وحدد له موعدا بعد شهر، وفي اليوم المعين توجه الملك مع الوزير وأخذا الخنزيرة. ولما اقتربوا من البركة أبت الخنزيرة النزول. فأمر الملك جنوده بدفعها إلى الوحل، فقاومت وأسرعت إلى الشاطئ لتنفض عن جسمها ما لحق بها من الطين. فتعجب الملك وسأل الوزير عن سر ذلك. فأجاب الوزير بأنه قد أجرى للخنزيرة عملية جراحية، واستأصل قلبها الفاسد، ووضع محله قلب حمل وديع. وبهذا تغيرت الخنزيرة وأبغضت القذارة. (4) أخي المشاهد لعلك تدرك أنه لا فائدة من تهذيب القلب القديم الفاسد، بل الحاجة ماسة إلى إجراء عملية لاستئصاله وزرع قلب جديد نقي. لهذا حرص آباء الكنيسة على وضع هذه الطلبة في بداية كل صلاة من صلوات النهار السبعة عندما يصلى المؤمن "مزمور ارحمني يا الله" فيطلب قائلا "قلباً نقياً اخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدد في داخلي". فليتك تطلب من الرب إجراء هذه العملية لقلبك وهو مستعد أن يعطيك كل ما تطلب.
(15) المضيفة: ما هي مظاهر هذا التغيير؟
أبونا: متى حصل الإنسان على هذا القلب الجديد (1) ستتغير ميوله وأهدافه، وتصرفاته، (2) سوف يحب المسيح بكل قلبه. (3) ويبغض الخطية وتتجنبها ويبتعد عنها. (4) سيقاوم إبليس ويغلبه بقوة المسيح (5) وإن تعثر يقوم في الحال ولا يستسلم للسقوط بل يكون شعاره (مى8:7) "لا تشمتي بي يا عدوتي (الخطية) إذا سقط أقوم". (6) هذا القلب الجديد سيحب المسيح ويتعلق به، ولن يشبع من الحديث معه وسماع صوته ومجالسته. (7) هذا القلب الجديد سيحب الناس أيضا، ويشتاق إلى خلاص نفوسهم، فلن توجد بين هذا القلب وبين الناس خصومات، بل يسعى إلى خلاصهم والتفاني في خدمتهم. (8) آه يا عزيزي ليتك تختبر هذا الأمر العجيب. (9) ونصيحتي لك أن تصارع مع الرب كما صارع يعقوب لأخذ البركة ولا بد أن يعطيك الرب.
(16) المضيفة: هل يمكن أن تلخص لنا موضوع هذه الحلقة؟
أبونا: تكلمت عن نعمة الخلاص أنها ليست من أعمال بشرية:
(1) سواء الخلاص من عقوبة الخطية، أو من سلطان الخطية.
(2) ووضحت ذلك بآيات الكتاب المقدس، وأقوال الآباء، والمنطق السليم
(3) وشرحت أن الأعمال الصالحة ليست ثمنا للخلاص ولكنها ثمرة حتمية للخلاص.
(4) ووضحت حتمية تغيير القلب وخلق قلب جديد نقي
(5) وقلت أنه ما على الإنسان إلا أن يطلب قائلا: "قلبا نقيا اخلق في يا ألله" حتى يستطيع أن يسلك في طريق القداسة.
(17) المضيفة: نكرر الشكر لله على هذه النعم الغنية.
* أحبائي المشاهدين: أعلن أن خطوط التليفونات ستفتح بعد العودة من الفاصل، فاتصلوا بنا على الأرقام الموضحة على الشاشة ومرحبا بكم،
* ويسعدنا أن نتلقى مداخلات من أحبائنا المسلمين الذين يشاهدون البرنامج.
أبونا: إلى اللقاء بعد الفاصل.
فاصل
(18) المضيفة: مرحبا بكم ثانية ويسعدنا أن نأخذ بعض المداخلات؟
أبونا: أرجو أن تكون المداخلات: (1) تعليقا على الموضوع: [1ـ هل استفدت شيئا منه 2ـ هل خاطبك الرب عن شيئ في حياتك من خلال آية في الموضوع 3ـ هل لديك أسئلة واستفسارات عن أي شيء في الموضوع؟] (2) ثم مداخلات وأسئلة عن أي موضوع آخر (3) وأخيرا: طلبات شخصية للصلاة.
المداخلات
(19) المضيفة: شكرا جزيلا أبونا،
* وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين لتواجدكم معنا في هذا البرنامج،
* وإلى اللقاء في برامج قادمة.
* هل يمكن يا أبانا أن تباركنا بصلاة ختامية، وتذكر طلبات الأحباء الذين طلبوا الصلاة من أجلهم؟
أبونا: (1) بكل سرور: صلاة ختامية.
(2) شكرا لك أيضا.
(3) وشكرا لمحبتكم جميعا،
(4) وإلى اللقاء أيها الأحباء. سلام.