408ـ مفاهيم إيمانية (9)
حلقة الأربعاء 5/8/2020م
(1) مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (408) من "برنامج حياتك الروحية" على الهواء مباشرة، من قناة الفادي الفضائية.
(2) دعونا نرفع طلبة في بداية البرنامج: بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
إلهنا الحي أبونا الحنان، ... نعظمك ونمجدك الآن وكل أوان وإلى آخر الزمان. آمين.
أسألك يا سيدي أن تبارك حلقة هذا اليوم لتكون سبب بركة لكل من يشاهدنا. آمين.
(3) نحن نتكلم في سلسلة متصلة عن: "مفاهيم إيمانية".
(4) وقد تكلمنا الحلقات الماضية عن بعض دوافع التوبة.
(9) واليوم نتكلم عن معطلات التوبة ومنها:
1- الذات.
2- صغر السن.
3- المشغولية.
4- الحرمان.
5- الخوف من الفشل.
6- التأجيل.
(7) لنتكلم عن المعطل الأول وهو: الـذات.
- إن أكبر معطل يقف في طريق التوبة هو ذاتك أنت، في كل صورها من كبرياء وغرور وحب ظهور وتمسكها بملذات العالم ... إلخ.
- وفي الواقع إن الحياة مع المسيح هي القضاء على حياة الذات أي إماتتها،
- ولكن الكثيرين لا يرغبون أن يموتوا عن ذواتهم، ولذلك تقف الذات كحجر عثرة في الطريق،
- يتضح ذلك من قول بعض الملحدين: أن وجود الله يلغى وجودهم، لذلك فهم يلغون وجود الله ليحققوا وجودهم. مساكين!.
- عزيزي كم أخشى أن تقف ذاتك في طريق توبتك.
- هل يقف كبرياؤنا حائلا بيننا وبين الحياة مع المسيح؟
- ليتنا تنكر ذواتنا … ونصلبها أي نميتها ليعيش المسيح فينا: "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيِّ" (غل20:2).
(8) وهناك معطل آخر للتوبة وهو: صغـر السـن.
- يهمس إبليس في أذن بعض الشباب قائلاً: "أنت ما زلت صغير السن فلماذا تتوب الآن؟
- يمكنك أن تنتظر حتى سن الشيخوخة أو قرب الممات ثم تتوب … لماذا لا تترك لنفسك الفرصة لتتمتع بالحياة وملذاتها … ولماذا تحرم نفسك وتكبت غرائزك وأنت صغير!!".
- وبكل أسف قد سقط العديد من الشباب ضحايا هذه الخدعة الشيطانية وهلكوا …
(9) وخطورة هذا التفكير تتخفى في بعض المغالطات يمكن كشفها فيما يلي:-
- المغالطة الأولي: هي الظن بان الموت لا يحدث إلا لكبار السن ولذلك يؤجل البعض توبتهم إلى سن الشيخوخة … والواقع أن الموت لا يقتصر على سن معينة فكم من أناس فارقوا الحياة في ربيع عمرهم إما بالسكة القلبية، أو سرطان الدم، أو في حوادث طريق، أو الكورونا … إلخ.
- المغالطة الثانية: تصوير الحياة مع الله على أنها حرمان وكبت وتزمت وحزن: وهذا عكس الواقع، فما أمتع الحياة مع المسيح وما أسعدها … إذ يعيش القلب خالياً من الصراعات النفسية التي تصحب الخطية دائماً إذ يقول الكتاب(أش2:57،21) "الأشرار كالبحر المضطرب لأنه لا يستطيع أن يهدأ وتقذف مياهه حمأة وطيناً، ليس سلام قال إلهي للأشرار".
- أما عن متعة الحياة مع المسيح فيقول داود النبي: (مز1:21) "يارب بقوتك يفرح الملك وبخلاصك كيف لإ يبتهج جداَ."
- ولهذا قال: (مز8:34) "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب. طوبى للرجل المتوكل عليه."
- المغالطة الثالثة: الظن بأنك إذا رفضت التوبة الآن يمكنك أن تحصل عليها في أي وقت.
- والحقيقة المرة أن كثيرين ممن رفضوا التوبة، جاءت عليهم أوقات تعذر فيها قبولهم لصوت الله.
- إذ يكون القلب قد تحجر تماماً أو انعدمت ثقتهم في إمكانية قبول الرب لتوبتهم.
- وإما لفوات زمان التوبة كما حدث مع عيسو إذ أنه "لما أراد أن يرث البركة رفض إذ لم يجد للتوبة مكانا مع أنه طلبها بدموع." (عب17:12).
- المغالطة الرابعة: أن التوبة التي من هذا القبيل، توبة مزيفة، ليست نابعة من قلب أحب المسيح، وإنما هي توبة خوف من العقاب، فهي ليست توبة حقيقية سليمة.
- ولكن أذكر يا أخي كم من شباب نظير سنك قد كرسوا حياتهم للرب وقد تمتعوا بالسعادة مع العلي … ولم تعطلهم حياة الشباب ولا ميوعة الصبا من الحياة الجدية المقدسة مع الرب، فكانوا كالكواكب إلى أبد الدهر … وصاروا قدوة حسنة يحتذي بها.
- وهناك أمثلة على ذلك:
+ يوسف الشاب الطاهر الذي رفض بقوة أن يتدنس مع امرأة سيده.
+ ودانيال الشاب القوى الذي أبى أن يعبد سوى الرب وجاهر بإيمانه.
+ والثلاثة فتية الأشداء الذين لم يهابوا أمر الملك بل تمسكوا بإيمانهم.
+ ومريم العذراء الفتاة مثال الطهر والنقاء.
+ وتيموثاوس الشاب المتجند لخدمة الرب.
+ الشاب هنري الإنجليزي: ففي شتاء 1971م زرت أسرة مؤمنة في قلب مدينة لندن، وكان الابن الأكبر يدعى هنري وهو طالب في الجامعة، وقد كان ملحداً لا يؤمن بوجود الله والحياة الأبدية … وسافر مع طلبة الجامعة في رحلة خارج إنجلترا وفي المعسكر اكتشف أنه الملحد الوحيد، فكان يقضى أوقاته في المدينة غارقاً في ملاهيها ويعود بعد منتصف الليل إلى المعسكر في أعلى الجبل … واكتشف هنرى أن كل من حوله من شباب المعسكر سعداء، وهو الوحيد الذي يعيش التعاسة، فصرخ قائلاً: يارب يا من يعبدك الذين في المعسكر أنقذني … وكانت المعجزة وركع مسلماً حياته لله … وعندما عاد إلى بيته في لندن إذا به شخص آخر، وانطلق هنري إلى مواخير الشباب الفاسد، وقد لبس زيهم وحلق شعره نظيرهم وعاش بينهم … وبعد أسبوع واحد عاد ومعه خمسة شبان وقد أنقذهم من الضياع … وهو الآن يعمل بقوة. وأخته الطالبة الجامعية إذ رأت هذا التغيير، عاشت هي الأخرى للمسيح وبعد أن انتهت من دراستها الجامعية كرست حياتها لخدمة الرب.
فهل تبدأ عزيزي الشاب الصغير لتتمتع بالسلام مع الرب.
(10) كان هذا عن معطل الذات، ومعطل صغر السن، نأتي إلى معطل آخر للتوبة هو: المشغولية.
- حجة واهية يحاول أن يتخفى وراءها إبليس لتعطيل توبة الكثيرين.
- هل حقيقة أنت مشغول؟!.
- فكيف تجد وقتا للحفلات الساهرة؟ ووقتا للأفلام السينمائية والتلفزيونية؟ ووقتا للتليفونات والفيسبوك والسوشيال ميديا؟ ووقتا للمسارح والملاهي … ووقتاً للزيارات والمجاملات؟ إن الموضوع ليس المشغولية … وإنما هو أخطر من هذا … هو عدم رغبة القلب الداخلية …إن عدو الخير إبليس يغرقك في المشغوليات ليلهيك عن خلاص نفسك. ولكن ماذا سوف تفعل عندما تطلب نفسك منك الليلة، فهذه التي أعدتها لمن تكون؟ (لو12: 20) ألا تعلم يا عزيزي أن "العالم يمضي وشهوته" (ايو17:2) "وأن الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس" (جا11:2). ليتك الآن تواجه نفسك بصراحة … وتقبل الرب في حياتك ليريح نفسك المتعبة، ويفرح قلبك الكئيب … أنه ينتظرك.
(11) المعطل الرابع هو: الحرمان
- ينظر البعض إلى حياة التوبة على أنها مجرد حرمان من متع الحياة وتقييد لحرية الإنسان. ولهذا يرفضون التوبة.
- والواقع أن ما يظنون أنه متعة ما هو إلا تخدير للضمير. وسكر بخمر الخطية، وتجرع كأس سمها مميت.
- وما يتوهمون أنه حرية ما هو إلا قيود ذهبية وأربطة حريرية تأسر الإنسان في عبودية مرة، فالكتاب المقدس يقول: "كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية." (يو34:8).
- أخي: لماذا تنظر إلى التوبة على إنها مجرد حرمان.
- لماذا لا تنظر إلى المكاسب والأرباح التي تحصل عليها بالتوية ...
- حقيقة بالتوبة ستحرم نفسك من المتعة الدنسة، لكي تسعد الروح والنفس والجسد بعمق الشركة الطاهرة النقية ...
- في التوبة حرمان من مكاسب العالم الباطل … لتغتني النفس بكنوز النعمة.
- وفي التوبة حرمان من كل ما يسر الجهلاء، وكسب لكل ما يسعد الحكماء …
- فإذا نظرنا إلى حياة التوبة نظرة إيجابية، وجدنا فيها مكاسب لا تحصي … وأرباح باقية تدوم إلى أبد الدهور، يسهل من أجلها التخلي - اختيارياً - عن كل ملذات الخطية الوقتية، وأباطيل العالم الخادعة.
- لذلك يقول الكتاب عن موسى أنه "أبي (رفض) أن يدعى ابن ابنة فرعون، مفضلا بالأحرى أن يذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية. حاسبا عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر لأنه كان ينظر إلى المجازاة." (عب24:11-26).
- ومعلمنا بولس الرسول يقول: "ما كان لي ربحا فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة بل أنى أحسب كل شئ أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا احسبها نفاية لكي اربح المسيح وأوجد فيه." (فيلبى7:3-9).
- هذا وسوف نستكمل الموضوع في الحلقة القادمة بمشيئة الرب.
إختبارات العابرين والعابرات
(12) نستطيع الآن أن نستمع لبعض اختبارات العابرين لنرى عمل الله في النفوس. وليكن هذا تشجيعا للكثيرن الذين لم يتخذوا بعد قرار العبور.
(تعرض على الشاشة بعض الاختبارات)
المداخلات
(13) نشكر الله على هذه الاختبارات. أما الآن فنأخذ بعض المداخلات، فإنه يسعدني سماع مداخلاتكم وتعليقاتكم. خاصة العابرين ليشاركونا باختباراتهم.
الختام
(14) شكرا جزيلا لله، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين ولنرفع صلاة في الختام.
(15) البركة الختامية:
1- والآن محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم.
2- وإلى اللقاء في برامج القناة اليومية. سلام معكم. آمين.
