190ـ الإلحاد (6)
الجمعة 15/5/2015م
(تقديم: عبد الله)
(1) المضيف: مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (190) من "برنامج معرفة الحق" على الهواء مباشرة، من قناة الفادي الفضائية. ومعنا أبونا القمص زكريا بطرس.
أبونا: (1) مرحبا بك وأرحب بكل المشاهدين المحبوبين.
(2) المضيف: هل ترفع لنا طلبة في بداية البرنامج؟
أبونا: (1) بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين (2) يارب يا من تعطفت علينا بفيض من حبك وأوجدتنا من عدم. ويامن لازلت تعاملنا بذات الحب الفائق محتملا جهلنا وغباوتنا، أسلك أن تقشع الغشاوة عن عيوننا حتى تصير لنا البصيرة الروحية وإعلانات روحك القدوس لنراك بالإيمان يا منبع الحنان. آمين (3) وأسألك أن تستخدم كلمات اليوم لخلاص وخير المشاهدين. آمين.
(3) المضيف: هل يمكن أن تذكرنا اليوم بما ناقشته في الحلقات السابقة؟
أبونا: (1) تكلمت في سلسلة الإلحاد عن:
1ـ مفهوم الإلحاد
2ـ حجم مشكلة الإلحاد.
3ـ تاريخ الإلحاد.
4ـ أنواع الإلحاد.
5ـ أسباب الإلحاد.
(2) وفي الحلقة الماضية تكلمت عن: بعض المفاهيم الأساسية في أسلوب التفكير العلمي:
1- مفهوم المعرفة.
2- مفهوم العلم.
3- مفهوم البحث العلمي.
4- مفهوم الإدراك.
(4) المضيف: وفيم ستكلمنا اليوم؟
أبونا: (1) أريد أن أتكلم عن: مجالات العلوم وهي:
1ـ مجال العلوم الطبيعية (Physics).
2ـ مجال علوم ما فوق الطبيعة (Metaphysics).
(5) المضيف: ما علاقة مجالات العلوم بموضوع الإلحاد؟
أبونا: (1) كثيرا ما يتحدث أصحاب الأفكار الإلحادية عن أن الله لا يخضع للأسلوب العلمي من تجربة وملاحظة واستنتاج، ولهذا فليس عندهم إستعداد لقبول فكرة وجوده أساسا.
(2) من أجل ذلك أردت أن أتكلم عن مجالات العلوم لأوضح الفرق بين العلوم الطبيعية التي تخضع للمنهج البحث العلمي من تجربة ومشاهدة واستنتاج، وبين مجال علوم ما فوق الطبيعة، الذي له منهج آخر غير المستخدم في مجال العلوم الطبيعية.
(6) المضيف: هل يمكن أن تشرح لنا ما هي العلوم الطبيعية أولا؟
أبونا: (1) العلوم الطبيعية هي مجموعة العلوم التي تبحث في الكون كله بما فيه من أحياء وجمادات ومجرات.
(2) وتشمل: الفيزياء ، والكيمياء ، والأحياء ، والجيولوجيا، والفلك.
(3) وعن هذه العلوم الطبيعية يتفرع: العلوم الطبية، والعلوم الزراعية، والأرصاد الجوية ... الخ
(4) وهذه العلوم الطبيعية تعتمد على التجربة والدليل، لذلك فهي تجريبية عملية.
(5) والواقع أن لهذه العلوم الطبيعية خواص ومميزات هامة هي:
1ـ حقائق العلم ليست ثابتة بل هي عرضة للتعديل والتغيير.
2ـ بمعنى أن الحقائق العلمية ليست جامدة، بل هي في تغير دائم: حيث أنه مع التقدم العلمي تُكتشف حقائق تُثْبِت خطأ نظريات علمية قديمة.
(6) لهذا أقول للأخ الملحد، لا تعتمد كلية في تفكيرك على مجرد الحقائق العلمية الحالية، فليست النظريات العلمية كتاب منزل.
(7) المضيف: كلمتنا عن العلوم الطبيعية، فماذا عن علوم ما فوق الطبيعة؟
أبونا: (1) علوم ما فوق الطبيعة، وتسمى أيضا بعلوم ما وراء الطبيعة.
(2) وقد ظهر هذا المصطلح لأول مرة سنة 1520م.
(2) ويقصد بهذه التسمية الأشياء التي لا تخضع لقوانين الطبيعة.
(3) وقد ذكر العلماء تعريفا لعلوم ما فوق الطبيعة على أنه العلم الذي يدرس الظواهر التي تكون خارج قوانين الطبيعة أو الفيزياء (Physics)، أو يشير الى تلك القدرات النفسية المنسوبة الى اﻻنسان والتيتتجاوز شروط اﻻدراك اﻻعتيادي وتفرض نمطاً جديدا من العلاقات بين اﻷنسان والبيئة. ويسمى علم (الباراسيكلوجي Parapsychology) .
(4) ويقول الباحثون في هذه العلوم أنه بعد تطور العلم وخاصة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وأثناء تجارب وبحوث العلماء بدأت تظهر لديهم أمور خارج نطاق قوانين الطبيعة أو الفيزياء (Physics)،وبدأوا يتابعون هذه اﻻكتشافات بكثرة، قرر بعض العلماء إفراد علم خاص يعتنى بدراسة هذه الظواهر، على الرغم من انكار بعض العلماء الماديين لهذا العالم ﻻنه يعارض أهم مبدأ لديهم وهو عدم اﻷيمان باﻷمور الغير محسوسه أو خارج قوانين الطبيعة.
(5) ولكن هذه اﻻعتراضات تلاشت وخاصة في العقود اﻻخيرة بعد التطور العلمي الكبير واختراع أجهزة خاصة ترصد التفاعلات واﻻشعة الغير مرئيه المتبادلة بين الكائنات الحية، وأصبح علمما وراء الطبيعة علم يثبت قدرة الله.
(6) فمثلا: من خلال علاقة هذا العلم بالعلوم اﻷخرى كعلم الطب والوراثة، فقد كان العلماء يعتقدون انالحمض النووي ينقل فقط الصفات الجسدية من جيل الى جيل، ولكن علم (الباراسيكلوجي) اكتشف ان الملكات النفسية للأنسان كالغضب والشجاعة تكون لها طيف ووهج معين يصدر من الجسم يؤثر على الحمض النووي (DNA) تعطي للشخص صفات وراثية جديدة لم يكن يملكها اسلافه.
(7) وهنا أتساءل: عندما ينكر الملحد "علوم ما فوق الطبيعة" "الميتافيزيقا" "The Super natural" فهل يكون على حق؟ أم أنه يضع رأسه كالنعامة في الرمال ويخدر ضميره أنه لا يوجد إله، مع ملاحظة الفارق بينه وبين النعامة، فهي تهرب من الصياد الذي يريد أن يقتلها، أما الملحد فيهرب من الله الذي يريد أن يخلصه لأنه يحبه.
(8) المضيف: هل يعتبر الروح من علوم ما فوق الطبيعة؟
أبونا: كان العالم (Carl Friedrich Gethmann,) أول من استخدم تعبير علوم الروح كمرادف لعلوم ما فوق الطبيعة، فقال:
(1) علوم الروح: هي مجموعة من العلوم الإنسانية مثل: الفلسفة والتاريخ والعلوم الاجتماعية وعلم اللاهوت.
(2) واستخدم مصطلح علوم الروح لأول مرة كترجمة لمصطلح جون ستيوارت ميل: "العلوم الأخلاقية". وقام المؤرخ والفيلسوف وعالم الاجتماع "ويلهيلم ديلتهاي" بنشر هذا المصطلح على اعتبار أنه يجباعتبار علم النفس وما انبثق منه من علوم الاجتماع – مثل التاريخ – من علوم الروح (العلوم الإنسانية) وليس من العلوم الطبيعية, ويجب أن تعكس منهجيتهم هذا التصنيف. وكان لبراهينه تلك تأثير كبير على عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر.
(3) ومنذ عصور ديلتهاي أصبح من الشائع الحديث عن "العلوم الطبيعية" من ناحية و"علوم الروح" من ناحية أخرى.
(4) وأُضيفت كليات علم اللاهوت والحقوق إلى علوم الروح.
** إذن فاللاهوت يعتبر من علوم الروح، أي علوم ما فوق الطبيعة، التي لا تخضع للمنهج العلمي التجريبي المستخدم في علوم الطبيعة. فكيف يصر الملحد أن يتعامل مع علوم ما فوق الطبيعة بمعايير علوم الطبيعة؟
(9) المضيف: ما رأي الكتاب المقدس بخصوص العلاقة مع الله الذي هو فوق الطبيعة؟
أبونا: (1) قال السيد المسيح في (يو4: 24) "الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا"
(2) فالله ليس مادة. إذن فهو لا يخضع لقوانين الطبيعة، بل إن الله فوق الطبيعة، وما هو فوق الطبيعه له منهجيته التي تفوق منهجية العلوم الطبيعية.
(3) فبينما منهج العلوم الطبيعية هو التجربة والملاحظة والاستنتاج، فإن منهج ما هو فوق الطبيعة وبصفة خاصة الله وما يتعلق به هو إختبار الإيمان. أي الدخول في خبرة روحية بقبول المسيح إلى حياة الإنسان، فيعمل المسيح في قلبه ويعطيه طبيعة روحية جديدة، تستطيع أن تدرك كل ما لله.
(4) هذه الطبيعة الروحية تستطيع أن تستقبل إعلانات الروح القدس عن أعماق الله. الأمر الذي يختلف تماما عن المعرفة البشرية المحدودة.
(5) وقد أبدع القديس بولس الرسول عندما عقد المفارقة بين المعرفة المبنية على الحكمة البشرية، وبين المعرفة المبنية على إعلان الروح القدس.
(6) فقال في (1كو2: 1- 16) "وانا لما اتيت اليكم ايها الاخوة اتيت ليس بسمو الكلام او الحكمة مناديا لكم بشهادة الله ... وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الانسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة. لكي لا يكون ايمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله. لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سر: الحكمة المكتومة [أي المحجوبة] التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا. التي لم يعلمها احد من عظماء هذا الدهر ... بل كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه. (أي ما فوق الطبيعة) فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله. لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم ناخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله. التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلمها حكمة انسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات [أي مُعَبِّرِينَ عَنِ الْحَقَائِقِ الرُّوحِيَّةِ بِوَسَائِلَ رُوحِيَّةٍ]. ولكن الانسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لانه عنده جهالة ولا يقدر ان يعرفه لانه انما يحكم فيه روحيا [أي أَنَّ الإِنْسَانَ الْبَشَرِيَّ لاَ يَتَقَبَّلُ أُمُورَ رُوحِ اللهِ إِذْ يَعْتَبِرُهَا جَهَالَةً، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْرِفَهَا لأَنَّ تَمْيِيزَهَا إِنَّمَايَحْتَاجُ إِلَى حِسٍّ رُوحِيٍّ]. واما الروحي فيحكم في كل شيء و هو لا يحكم فيه من احد. لانه من عرف فكر الرب فيعلِّمه واما نحن فلنا فكر المسيح"
(7) وهنا يوضح بولس الرسول لبَّ الموضوع. أن الإنسان بعقله البشري لا يستطيع أن يعرف الله، فالأمر يحتاج إلى تغيير في الطبيعه ليصير للإنسا حس روحي، فيعلن له روح الله أسرار عالم ما فوق الطبيعة.
(8) دعوتي لكل أخ ملحد أن يعيد حساباته، وعوضا عن المعاندة يطلب من الله أن يغير طبيعته إلى طبيعة روحية، وهو مستعد أن يفعل ذلك لأنه يحب ويريد خلاص نفسك. آمين.
المداخلات
(10) المضيف: نشكر الله على هذه الإيضاحات. أما الآن هل يمكن أن نأخذ بعض المداخلات؟
أبونا: (1) برجاء أن تتركز المداخلات في موضوع الحلقة، (2) ونحب أن نسمع إختبارات الأحباء المسلمين الذين اكتشفوا حقيقة الإسلام. آمين.
(11) المضيف: 1ـ شكرا جزيلا لله، 2ـ وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين 3ـ هل تتفضل بالصلاة في الختام؟
أبونا: (1) شكرا (2) صلاة وذكر من طلب الصلاة (3) امضوا بسلام. الرب مع جميعكم آمين.
