293ـ صنعت خلاصا (19)
حلقة الاثنين 11/12/2017م
(تقديم: مريم)
(1) المضيف: مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (293) من برنامج "حياتك الروحية" من قناة الفادي الفضائية، ومعنا القمص زكريا بطرس، مرحبا بك.
أبونا: مرحبا بك، ومرحبا بالمشاهدين الأحباء في كل العالم.
(2) المضيف: اعتدنا أن ترفعنا بالصلاة في البداية.
أبونا: [1] بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. [2] سيدي ... آمين [3] كما أسألك يا سيدي أن تبارك حلقة هذا اليوم لتكون سبب بركة لكل من يشاهدنا. آمين.
(3) المضيف: هل يمكن أن تذكرنا بموضوع الحلقة الماضية؟
أبونا: موضوع الحلقة السابقة كان عن: مفهـوم النعمـة وقلنا أن سيشمل:
1- عـطـيـة مجـانيـة
2- عـطـيـة عموميـة
3- ليست من أعمال بشرية
ولم يسعفنا الوقت إلا للحديث عن النقطة الأولى فقط وهي عـطـيـة مجـانيـة.
(4) المضيف: وفيما ستكلمنا اليوم؟
أبونا: (1) اليوم سأتكلم عن بقية عناصر مفهوم النعمة وهي:
1- عـطـيـة عموميـة
2- ليست من أعمال بشرية
(5) المضيف: هل يمكن أن نبدأ بالحديث عن أن النعمة عطيـة عموميـة؟
أبونا:
1- يوضح معلمنا بولس الرسول عمومية هذه العطية: "إن كان بخطية واحد (وهو آدم) مات كثيرون فبالأولى كثيراً نعمة الله والعطية بالنعمة التي بالإنسان الواحد يسوع المسيح قد ازدادت للكثيرين.. فإذن كما بخطية واحدة (أي خطية آدم)، صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة. هكذا ببر واحد (وهو المسيح) صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة." (رو15:5-21).
فبولس الرسول يوضح أنه بخطية آدم حكم عليه بالموت وورث الجنس البشرى كله هذا الحكم.. فبالقياس نرى أن بر المسيح قد برر الجنس البشرى كله "لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس." (تى11:2).
فلا تقل في نفسك أن الله لم يعطني هذه النعمة، فنعمة الخلاص معروضة على جميع الناس، الأغنياء والفقراء، العلماء والجهلاء، الشرفاء والأدنياء.
ويذكر لنا الكتاب عينات كثيرة من هؤلاء وأولئك الذين تمتعوا بالنعمة.
(6) المضيف: لنرى أولا: الأغنياء والفقراء.
أبونا:
1- فمن الأغنياء:
يوسف الرامي إذ يقول "جاء رجل غني من الرامه اسمه يوسف وكان هو أيضاً تلميذاً ليسوع." (مر57:27). وآخرون قال عنهم الكتاب المقدس: "كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات ويضعونها عند أرجل الرسل." (أع34:4).
وتاريخ الكنيسة يذكر الكثيرين من الأغنياء مثل القديس الأنباء أنطونيوس الذي ورث 3000 فدان وحسبها نفاية ليربح المسيح.
ولم يكن الأغنياء فحسب هم الطبقة التي حظيت بالنعمة ولكننا نجد:
2- فقراء:
ما كان التلاميذ سوى جماعة من صيادي السمك الفقراء،
وتاريخ الكنيسة حافل بالقديسين الفقراء كالأنبا إنيانوس أول بطاركة الإسكندرية بعد مار مرقس الكاروز، فقد كان إسكافياً بسيطا.
(7) المضيف: وماذا عن العلماء والجهلاء؟
أبونا:
1- أما عن العلماء:
الذين خضعوا لنعمة الله المخلصة فيذكر لنا الكتاب الكثيرين، منهم القديس بولس الرسول فيلسوف المسيحية، والقديس لوقا الطبيب البشير.
كما يذكر تاريخ الكنيسة شخصيات كثيرة من العلماء مثل القديس أغسطينوس والأنبا أرسانيوس معلم أولاد الملوك، والعالم الفلكي ديوناسيوس الأريوباغي.
2- أما الجهلاء:
الذين قبلوا فيض النعمة فالكتاب يرينا بكل وضوح أن "الله اختار جهال العالم ليخزى الحكماء" (1كو27:1).
(8) المضيف: وماذا عن الشرفاء والأدنياء؟
أبونا:
1- ومن الشرفاء:
الذين قبلوا نعمة الله يذكر الكتاب كرنيليوس قائد المئة (أع1:10ـ48) وسجان فيلبى (أع25:16ـ34)
وتاريخ الكنيسة ملئ بمثل هذه الشخصيات كالملكة هيلانه والملك قسطنطين، ومكسيموس ودوماديوس، والقديسة دميانه ابنة والى البرلس، والقائد الروماني مار جرجس..
2- أما عن الأدنياء:
الذين تفاضلت نعمة الله عليهم حتى انطبق عليهم قول بولس الرسول "اختار الله أدنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود" (1كو28:1). فقد ذكر الكتاب أمثلة كثيرة منها اللص اليمين الذي دخل فردوس النعيم (لو40:23-43). وأنسميس الذي كان عبداً للقديس فليمون قال عنه بولس الرسول: "أطلب إليك لأجل أبني أنسيمس الذي ولدته في قيودي. الذي كان قبلا غير نافع لك. ولكنه الآن نافع لك ولى" (رسالة فليمون11:10). ويذكر الكتاب أيضاً مريم المجدلية والمرأة الخاطئة والتي أمسكت في زنا.
ويذكر تاريخ الكنيسة الكثيرين والكثيرات أمثال القديس موسى الأسود الذي كان قاطعاً للطريق، ومريم المصرية التي باعت نفسها للاثم.
من هذا يتضح أن نعمة الله معروضة على الجميع كما يقول الرسول "قد صارت الهبة إلى جميع الناس" (رو18:5). فليتك يا عزيزي تقبل نعمة الله المجانية لتختبر محبة الله الفائقة.
(9) المضيفً: قلت أن النعمة ليست من أعمال بشرية، هل يمكن أن تشرح ذلك؟
أبونا:
إذ قد وضحنا أن النعمة هي عطية مجانية، فمعنى ذلك أنها ليست من أعمال بشرية. ويؤيد هذه الحقيقة كثير من الآيات الكتابية وأقوال الآباء القديسين.
1- فبولس الرسول يقول (رو6:11). "فإن كان بالنعمة فليس بعد بالأعمال وإلا فليست النعمة بعد نعمة"
2- ويعود أيضاً ليزيد الأمر إيضاحاً فيقول (تى5:3-7): "لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا … حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية".
3- ويوضح الرسول السر في هذا، إذ يقول: (أف8:2، 9 ) "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان. وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد".
ويقول بولس الرسول أيضاً: "ليس لي برى الذي من الناموس بل الذي بإيمان المسيح البر الذي من الله بالإيمان." (فى9:3).
أخشى يا أخي أن تكون وأنت مسيحي تعيش كما كان اليهود يعيشون. فتعتمد على مجرد تأديتك لبعض فرائض العبادة دون أن تكون لك العلاقة الشخصية المبنية على بر المسيح ودون أن يكون لك الاتكال الفعلي على عمل النعمة المجاني فالرسول يقول "القوا رجاءكم بالتمام على النعمة التي يؤتى بها إليكم". (1بط13:1).
(10) هل يمكن أن تذكر لنا بعض أقوال القديسين عن ذلك؟
أبونا:
1- قال القديس يوحنا ذهبي الفم: "كانوا أشراراً ومستعبدين لكنهم تحرروا ليس بمجهوداتهم الشخصية ولكن بالنعمة.. لم تكن توجد أي قوة بشرية تستطيع أن تحررنا من شرورنا لكن شكراً لله الذي أراد واستطاع أن ينجز هذا العمل الجليل.
(N. & P. Fathers 1st Ser, Vol. X1 P. 412).
2- وأيضا (القديس يوحنا ذهبي الفم): "لا تشك إذن فالخلاص بالإيمان وليس بالأعمال".
(NP. Frs 1st. ser. Vol. X1 P. 378)
3- القديس مار افرام السرياني: "إن لم تشرق علىَّ رأفتك يا الله سريعاً فليس لي من أعمالي ولا رجاء واحد للخلاص".
[كتاب السبع طلبات لمشاهير قدسي الكنيسة ص46 طبع دير السرياني]
4- [كتاب الأجبية صلاة نصف الليل] "وبأعمالي ليس لي خلاص … فلهذا أسأل بعين رحيمة يأرب أنظر إلى ضعفي وزلي ومسكنتي.
5- (القديس أغسطينوس): "إن الإنسان لا يتبرر بمظاهر حياة القداسة وإنما بالإيمان بالرب يسوع، أي ليس بالأعمال بل بالإيمان، وليس بالأعمال الصالحة بل بالنعمة المجانية."
(N. P. Frs 1st. ser. Vol.5 P. 92)
(11) المضيف: هل معنى هذا أن الذي يخلص بالنعمة لا يهتم بالأعمال الصالحة؟
أبونا:
1- الأعمال الصالحة كما وضحنا في الحلقة السابقة هي ثمار لازمة للإيمان.
2- فبولس الرسول إذ قال: "لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا" (تي5:3). أكمل حديثه قائلاً: "وأريد أن تقرر هذه الأمور لكي يهتم الذين آمنوا بالله أن يمارسوا أعمالا حسنة" (تي8:3).
3- كان هذا عن استحالة الخلاص من قصاص الخطية بواسطة أية أعمال بشرية بل بنعمة الله المجانية، ولابد أن تكون لها ثمار من الأعمال الصالحة. آمين.
المداخلات
(12) المضيف: شكرا جزيلا على هذا لشرح الواضح. هل يمكن أن نأخذ بعض المداخلات؟
أبونا: (1) يسعدني سماع مداخلاتكم وتعليقاتكم.
ختام
(13) المضيف: شكرا أبونا، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين لتواجدكم معنا في هذا البرنامج، وإلى اللقاء في حلقات قادمة. هل يمكن أن تباركنا بصلاة ختامية؟
أبونا: أولا: الصلوات الختامية:
(1) أطلب من أجل: موضوع الحلقة أن تستخدمه لخير النفوس وخلاصها.
(2) كما أطلب من أجل كل المشاركين والمشاهدين أن تباركهم.
(3) وأصلي من أجل قناة الفادي: أن تبارك خدمتها وتبارك الفريق العامل فيها، وتعوضهم عن تعب محبتهم.
(4) كما أطلب من أجل المعضدين للقناة بالصلاة أو التبرعات، لتستمر في خدمتها.
(5) وأصلي من أجل: [..] وضعفي، وكل مقدمي البرامج في القناة، ليتمجد اسمك من خلالنا،
(6) اذكر يارب كل الذين طلبوا منا أن نصلي من أجلهم: [الأسماء المكتوبة ..] آمين.
ثانيا: البركة الختامية:
(1) والآن محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم.
(2) وإلى اللقاء في برامج القناة اليومية. سلام معكم. آمين.