معرفة الحق (700)
الجمعة 17/10/2025م
عميل الشيطان يدعي وحي بالقرآن
(1) مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (700) من "برنامج معرفة الحق" على الهواء مباشرة، من قناة الفادي الفضائية.
(2) دعونا ندخل إلى حضرة الرب بجزء من ترنيمة:
1- طال انتظارنا والشوق مالينا .. نوصل ديارنا عند فادينا
2- هنا بنتمنى وهناك هانتهنى ونشوف المدينة، اللي وصفها يوحنا
3- وننال العطية وعز الأبدية هنا بالإيمان، وهناك بالعيان
4- يا فرحة قلوبنا لما نشوف فادينا على باب السما، وبيرحب بينا
5- نعماً نعماً أدخلوا يا ولادي هللويا مجداً، يا جمال صوت الفادي
6- وبإيده الكريمة في الحفلة العظيمة ياخدنا من إيدينا، ونبدأ الترنيمة
8- ونشوفه بعينينا وجماله يسبينا وهو بذاته، يجلس في وسطينا
9- مجد وكرامة للمخلصين يمشوا في المدينة، مين زيينا مين
10- طال انتظارنا والشوق مالينا .. نوصل ديارنا عند فادينا
*******
(3) بسم الآب والإبن والروح القدس إله واحد آمين ...
(4) أحبائي سبق أن تكلمنا في لحلقات سابقة عن:
- "مسطول سكران كتب القرآن".
- و"منكوح مهان ألف القرآن".
- ثم "زير نسوان، أنجب القرآن"
() واليوم نتكلم عن: عميل الشيطان يدعي وحي القرآن
وسأتكلم عن:
1- علاقة محمد بالشياطين.
2- علاقة محمد بالجن.
3- حديث الغرانيق.
4- سحر محمد.
****
المبحث الأول: علاقة محمد بالشياطين.
أولا: محمد والأعراض الغريبة منذ طفوليته
ثانيا: محمد والأعراض الغريبة عندما كان يأتيه الوحي.
ثالثا: الشيطان في غار حراء.
رابعا: ظهور الشيطان لمحمد في صورة جبريل.
خامسا: محمد يستعيذ من نزغ الشيطان وهمزه.
سادسا: الادعاء بإسلام شيطان محمد.
****
أولا: محمد والأعراض الغريبة منذ طفوليته
قالت مرضعة محمد واسمها أم حليمة: "أتانا أخوه في الرضاعة يشتد [أي مسرعا] فقال لي ولأبيه ذلك أخي القرشي قد جاءه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه وشقا بطنه وهما يسوطانه [يقلبانه] قالت فخرجنا نشتد [مسرعين] فوجدناه قائما منتقعا وجهه قالت فالتزمته [عانقته] أنا وأبوه وقلنا له ما لك يا بني قال جاءني رجلان فأضجعاني فشقا بطني فالتمسا به شيئا لا أدري ما هو قالت فرجعنا إلى خبائنا وقال لي أبوه [أي بالرضاعة، زوجها] والله لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب [أي بمس من الشيطان] فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك قالت فاحتملناه فقدمنا به على أمه فقالت ما أقدمك به وقد كنت حريصة على مكثه عندك قالت ... تخوفت عليه الأحداث فأديته إليك كما تحبين قالت ما هذا بشأنك فأصدقيني. ولم تدعني [أي لم تتركني] حتى أخبرتها. قالت: هل تخوفت عليه من الشيطان قلت نعم ". ([i])
ثانيا: محمد والأعراض الغريبة عندما كان يأتيه الوحي:
تذكر كتب التراث تفاصيل ما كان يحدث لمحمد عند الوحى منها ما ذكره ابن سعد في باب شدة نزول الوحى على النبى: "أن النبي كان اذا نزل عليه الوحى كَرُبَ له [أي اشتد عليه الحزن] وتَرَبَّد [أي تغير] وجهه ... وصار كهيئة السكران ... عن الدوسي قال: رأيت الوحي ينزل على النبي وأنه على راحلته فترغو وتفتل يديها حتى اظن ان ذراعها تنقصم" ([ii])
ونقرأ في السيرة الحلبية: "فلما نزل عليه القرآن أصابه نحو ما كان يصيبه قبل ذلك، هذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يصيبه قبل نزول القرآن ما يشبه الإغماء بعد حصول الرعدة وتغميض عينيه وتربُّد وجهِه ويغط كغطيط البَكر [أي البعير]" ([iii])
وجاء في كتاب صحيح البخاري: "عن عائشة سئل رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرَس وهو أشده عليَّ فيفصم عني" [أي يغيب عن الوعي]" ([iv])
ولمعرفة حقيقة صوت الجرس قال الإمام ابن حنبل: "ان مَوْلًى لِعَائِشَةَ أخبره كان يَقُودُ بها انها كانت إذا سَمِعَتْ صَوْتَ الْجَرَسِ امامها قالت قِفْ بي فَيَقِفُ حتى لاَ تَسْمَعَهُ وإذا سَمِعَتْهُ ورآها قالت أَسْرِعْ بي حتى لاَ أَسْمَعَهُ وَقَالَتْ قال رسول اللَّهِ ان له تَابِعاً مِنَ الْجِنِّ" ([v])
ثالثا: الشيطان في غار حراء.
نقرأ في صحيح البخاري "عن عَائِشَةَ قالت .. عندما كان محمد في غَارِ حِرَاءٍ فجَاءَهُ الْمَلَكُ فقال اقْرَأْ فقال رسول اللَّهِ ما أنا بِقَارِئٍ قال فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي [أي خنقه] حتى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي [تركه]، (وتكرر ذلك ثلاث مرات)، فَرَجَعَ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حتى دخل على خَدِيجَةَ فقال زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي [أي غطوني] فَزَمَّلُوهُ حتى ذَهَبَ عنه الرَّوْعُ قال لِخَدِيجَةَ أَيْ خَدِيجَةُ ما لي؟ لقد خَشِيتُ على نَفْسِي" ([vi])
ولكي نفهم تعبير "لقد خَشِيتُ على نَفْسِي" نقرأ ما جاء في كتاب السيرة الحلبية "إن رسول الله قال لخديجة: إني لأخشى أن يكون الذي يناديني تابعا من الجن .. "وأخشى أن يكون بي جنون" أي لمة من الجن" ([vii])
رابعا: ظهور الشيطان لمحمد في صورة جبريل:
جاء في تفسير القرطبي: "قال بن عباس: الشيطان الأبيض .. هو الذي قصد النبي في صورة جبريل ليوسوس إليه على وجه الوحي"[viii]
وجاء في تفسير مقاتل بن سليمان: "أن النبي حين بُعث قال إبليس من لهذا النبي الذي خرج من الأرض .. فقال شيطان واسمه الأبيض .. أنا له، فأتى فوجده في بيت الصفا فلما انصرف قام الأبيض في صورة جبريل ليوحى إليه"[ix]
وجاء في تفسير الرازي: "إن الشيطان المُسمَّى الأبيض تصدّى لمحمد وجاءه في صورة جبريل ليوسوس إليه على وجه الوحي"[x]
وفي تفسير السمرقندي: "قال إبن عباس في رواية أبي صالح أتاه الشيطان في صورة جبريل وهو يقرأ "سورة والنجم إذا هوى" عند الكعبة حتى إنتهى إلى قوله "أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى (النجم 19 - 20) ألقى الشيطان على لسانه: "تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى فلما سمعه المشركون يقرأ ذلك أعجبهم، فلما إنتهى إلى آخرها سجد وسجد المسلمون والمشركون معه، فلما أتاه جبريل عليه السلام فقال ما جئتك بهذا، فنزل "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ"[xi]
وقال الإمام القرطبي: "قال بن عباس إن شيطانا يقال له الأبيض كان قد أتى رسول الله في صورة جبريل عليه السلام وألقى في قراءة النبي "تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى"[xii]
وقال أيضا: "قال عطاء يريد بالشيطان الأبيض الذي كان يأتي النبي في صورة جبريل يريد أن يفتنه"[xiii]
وجاء في السيرة الحلبية: "قد ذكر بعض المفسرين أن النبي كان له عدو من شياطين الجن يقال له الأبيض كان يأتيه في صورة جبريل"[xiv]
وقال الإمام الرازي: "قال ابن عباس في رواية عطاء إن شيطاناً يقال له الأبيض أتى إلى رسول الله على صورة جبريل عليه السلام"[xv]
وقال أيضا: "ذكر مقاتل أن شيطاناً يقال له الأبيض .. قصد أن يفتن النبي فدفعه جبريل دفعة رقيقة وقع بها من مكة إلى أقصى الهند"[xvi]
خامسا: محمد يستعيذ من نزغ [وساوس] الشيطان وهمزه [إغراء]:
جاء في (سورة الأعراف 200) "وإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فاستعذ بالله إنه سميع عليم"
وفسر القرطبي هذه الآية بقوله: "لما نزل قوله تعالى: "خذ العفو" قال عليه السلام: "كيف يا رب والغضب؟ فنزلت "وإما ينزغنك" ونزغ الشيطان: وساوسه"[xvii]
وفي تفسير الواحدي: "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ [يعرض لك من الشيطان عارض ونالك منه أدنى وسوسة] فاستعذ بالله [اطلب النجاة من تلك البليه بالله] إنه سميع [لدعائك] عليم [عالم بما عرض لك]"[xviii]
وجاء في تفسير القرطبي: "أن النبي في الحديث: كان يتعوذ من همز الشيطان ولمزه وهمسه ... أمر الله تعالى نبيه والمؤمنين بالتعوذ من الشيطان في همزاته"[xix]
وفي تفسير ابن كثير: "إن رسول الله كان يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه"[xx]
سادسا: إسلام شيطان محمد:
تتحدث كتب التراث الإسلامي عن أن النبي محمد كان له شيطان شرير ثم أن هذا الشيطان اعتنق الإسلام. فجاء في صحيح مسلم: "عن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ: قال رسول اللَّهِ ما مِنْكُمْ من أَحَدٍ إلا وقد وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ من الْجِنِّ قالوا وَإِيَّاكَ يا رَسُولَ اللَّهِ قال وَإِيَّايَ إلا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عليه فَأَسْلَمَ فلا يَأْمُرُنِي إلا بِخَيْرٍ"[xxi]
وذكر الإمام فخر الدين الرازي: "قول النبي عليه السلام "إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم وقال ما منكم أحد إلا وله شيطان قيل ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن الله تعالى أعانني عليه فأسلم والأحاديث في ذلك كثيرة"[xxii]
وجاء في صحيح ابن خزيمة: "كانت ميمونة ـ زوجة النبي ـ حائضا فقامت فتوضأت ثم قعدت خلفه تذكر الله، فقال لها النبي: أشيطانك أقامك. قالت: بأبي وأمي يا رسول الله، ولي شيطان؟ قال: إي والذي بعثني بالحق، ولي ـ أيضا شيطان ـ غير أن الله أعانني عليه فأسلم"[xxiii]
وقال الإمام مسلم في صحيحه: "عن عُرْوَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النبي حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ من عِنْدِهَا لَيْلا قالت: فَغِرْتُ عليه فَجَاءَ، فَرَأَى ما أَصْنَعُ فقال: مالك يا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟ فقلت وما لي لا يَغَارُ مِثْلِي على مِثْلِكَ، فقال رسول اللَّهِ: أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟ قالت: يا رَسُولَ اللَّهِ أو مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قال: نعم. قلت: وَمَعَ كل إِنْسَانٍ؟ قال: نعم. قلت: وَمَعَكَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: نعم، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عليه حتى أَسْلَمَ"[xxiv]
وقد ذكر الإمام محمد الشنقيطي في تفسيره أمرا خطيرا إذ قال: "من اتبع الشيطان فهو كافر بالله عابد للشيطان متخذ الشيطان ربا وإن سمى أتباعه للشيطان بما شاء من الأسماء لأن الحقائق لا تتغير بإطلاق الألفاظ عليها كما هو معلوم"[xxv]
المبحث الثاني: علاقة محمد بالجن
يذخر القرآن كتب التراث الإسلامي بالأحاديث عن علاقة محمد بالجن منها:
- جبريل يأمر محمد بالتعامل مع الجن.
- محمد قضى ليلة كاملة مع الجن.
- الجن يوحون لمحمد بسورة قرآنية كاملة.
(4) إستخدام محمد للجن لنشر الإسلام.
***
أولا: جبريل يأمر محمد بالتعامل مع الجن
لقد حث جبريل محمدا على التعامل مع الجن كما جاء في كتاب (أعلام النبوة): "أن الجن أتوا نبي الله ببطن نخلة فنزل عليه جبريل بهذه الآية وأخبره بوفود الجن وأمره بالخروج إليهم"[xxvi]
2ـ وفي نفس المرجع يقول الماوردي: "أعلمه جبريل قبل إتيانهم" [أي أن جبريل أعلم محمد بالجن قبل إتيانهم إليه][xxvii]
ثانيا: محمد قضى ليلة كاملة مع الجن:
هذه حادثة خطيرة ينبغي أن نقف عندها طويلا لمناقشتها، فإن لها دلالات في غاية الخطورة. وقد أُشير إلى هذه الحادثة في القرآن وكتب التراث الإسلامي منها:
جاء في (سورة الأحقاف 29) "وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ .."
وفي (سورة الجن 1) " قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً"
ويقول القرطبي أنها حدثت لمحمد مرتين: "إن الجن أتوا رسول الله دفعتين إحداهما بمكة وهي التي ذكرها بن مسعود، والثانية بنخلة وهي التي ذكرها بن عباس".[xxviii]
وجاء في التفسير الكبير للإمام الرازي: "إن النبي لما أيس من أهل مكة أن يجيبوه خرج إلى الطائف ليدعوهم إلى الإسلام، فلما انصرف إلى مكة وكان ببطن نخل قام يقرأ القرآن في صلاة الفجر فمرّ به نفر من أشراف جن نصيبين، فسمعوا القرآن ... وعن أنس قال كنت مع رسول الله في جبال مكة إذ أقبل شيخ متوكىء على عكازة فقال النبي: مشية جني ونغمته، فقال من أي الجن أنت؟ فقال أنا هامة بن هيم بن لاقيس بن إبليس .. ثم قال: قال لي عيسى بن مريم إن لقيت محمداً فأقرئه مني السلام، وقد بلَّغت سلامه وآمنت بك. فقال عليه السلام: وعلى عيسى السلام، وعليك يا هامة. ما حاجتك؟ فقال: إن موسى عليه السلام علمني التوراة وعيسى علمني الإنجيل فعلمني أنت القرآن فعلمه عشر سور"[xxix]
لي بعض الملاحظات على هذه الرواية: يجب أن نلاحظ الظروف التي أحاطت بهذه القصة. وهي: يأسه من مكة، وطرده من الطائف، فانتهزها الجن فرصة ليغويه. وأوهموه أنهم من أشراف نصيبين. ثم منظر الشيخ المتوكئ الذي ظهر له في جبال مكة، وعرف محمد أنه جني من مشيته ونغمته. كيف عرفه؟ هل كان متعودا على ذلك؟ وخداع الجان له بأنه كان مع عيسى ويقرؤه السلام، فكيف يستأمن المسيح جنيا وهو الذي كان يطرهم من الناس. كذلك خداعه له أيضا بقوله أنه تعلم التوراة من موسى والإنجيل من عيسى، وأنه يريد تعلم القرآن منه. ألا يدل هذا على سذاجة محمد وأكله طعم الشيطان؟
ونعود إلى بقية الروايات عن علاقة محمد بالجن: جاء في صحيح مسلم: "عن بن مَسْعُودٍ قال كنا مع رسول اللَّهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ في الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا اسْتُطِيرَ أو اغْتِيلَ قال فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بها قَوْمٌ، فلما أَصْبَحْنَا إذا هو جَاءٍ من قِبَلَ حِرَاءٍ، فَقُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فلم نَجِدْكَ، فقال آتاني دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ معه فَقَرَأْتُ عليهم الْقُرْآنَ. وقال بن مسعود فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فقال لهم النبي: لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عليه يَقَعُ في أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ ما يَكُونُ لَحْمًا. وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ. فقال رسول اللَّهِ فلا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ".[xxx]
ثالثا: الجن يوحون لمحمد بسورة قرآنية كاملة:
قد جاء في (سورة الجن 1 ـ 14) " قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً، وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا [تعبير عن عظمة ربنا] مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً، وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً، وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً [أي إثما] وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً. وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً{8} وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً. وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً. وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً. وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً. وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً. وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً"
إني أتساءل: هل هذه الآيات كانت موجودة في اللوح المحفوظ؟ إن كان هذا صحيحا لصح أن يكون الشياطين أنبياء على مستوى محمد لأنهم عرفوا ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ! أم أن الجن ألَّفوا سورة في القرآن مطابقة تماما لآيات القرآن في اللغة، وأصبحوا مثل اله محمد يوحون بالآيات؟ وهذا يقودنا إلى سؤال خطير هو: كيف يدعي محمد بأن الجن لا يأتون بمثل قرآنه، كما جاء في (سورة الإسراء88) "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ"
وهناك تساؤل آخر لا يقل أهمية عن السؤال السابق، وهو: كيف يبعث الله محمدا إلى الجن والشياطين ليسمعوا القرآن من محمد رغم أن الله كان يرجمهم بالشهب والنجوم وهم يَسْتَرِقُّون سمع القرآن من السماء؟ فقد جاء في كتاب تفسير الماوردي: "قال ابن مسعود والضحاك أنه كان للجن مقاعد في السماء الدنيا يستمعون منها ما يحدث فيها من أمور الدنيا، فلما بعث اللًّه رسوله محمداً حُرِسَت السماء الدنيا من الجن ورجموا بالشهب"[xxxi]
رابعا: إستخدام محمد للجن لنشر الإسلام:
كان محمد يرسل منهم رسلا للتبشير بالإسلام: كما جاء في كل كتب التراث منها:
تفسير الطبري: "ذُكِر عن بن عباس أن رسول الله جعلهم رسلا إلى قومهم"[xxxii]
ويؤكد ذلك ما جاء في كتاب تفسير الثعلبي: "قال ابن عبّاس: كانوا سبعة نفر من جنّ نصيبين فجعلهم رسول الله رُسلاً إلى قومهم"[xxxiii]
المبحث الثالث: حديث الغرانيق العلى
حديث الغرانيق قصة غريبة حدثت مع محمد نبي الإسلام. وقبل أن نتتبع هذه القصة نذكر أولا معنى الغرانيق. جاء في تفسير مقاتل بن سليمان: "الغرانيق تعني الملائكة"[xxxiv]
ولنتتبعها فيما يلي:
جاء في (سورة النجم 19و20) "أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى"
وعلق الطبري على هذه الآيات في تفسيره قائلا: "جَلَسَ رَسُول اللَّه فِي نَادٍ [مجموعة] مِنْ أَنْدِيَة قُرَيْش, فَتَمَنَّى يَوْمئِذٍ أَنْ لَا يَأْتِيه مِنَ اللَّه شَيْء فَيَنْفِرُوا عَنْهُ, فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْه: "وَالنَّجْم إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبكُمْ وَمَا غَوَى" فَقَرَأَهَا رَسُول اللَّه حَتَّى إِذَا بَلَغَ: "أفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى" (سورة النجم 19 و20) أَلْقَى عَلَيْهِ الشَّيْطَان كَلِمَتَيْنِ: "تِلْكَ الْغَرَانِيقَ الْعُلَى, وَإِنَّ شَفَاعَتهنَّ لَتُرْتجَى" فَتَكَلَّمَ بِهَا. فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ جَبْريل .. قَالَ له: مَا جِئْتُك بِهَاتَيْنِ! فَقَالَ رَسُول اللَّه: "افْتَرَيْتُ عَلَى اللَّه، وَقُلْتُ عَلَى اللَّه مَا لَمْ يَقُلْ"[xxxv]
ويواصل الطبري كلامه في تفسيره: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته فَيَنْسَخ اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان". قائلا: "جَلَسَ رَسُول اللَّه فِي نَادٍ [مجموعة] مِنْ أَنْدِيَة قُرَيْش, فَتَمَنَّى يَوْمئِذٍ أَنْ لَا يَأْتِيه مِنَ اللَّه شَيْء فَيَنْفِرُوا عَنْهُ, ويكمل الطبري قائلا: فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْه: "وَالنَّجْم إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبكُمْ وَمَا غَوَى" فَقَرَأَهَا رَسُول اللَّه حَتَّى إِذَا بَلَغَ: "َأفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى" (سورة النجم 19 و20) أَلْقَى عَلَيْهِ الشَّيْطَان كَلِمَتَيْنِ: "تِلْكَ الْغَرَانِيق الْعُلَى, وَإِنَّ شَفَاعَتهنَّ لَتُرْجَى" فَتَكَلَّمَ بِهَا. فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ جَبْريل ... قَالَ له: مَا جِئْتُك بِهَاتَيْنِ! فَقَالَ رَسُول اللَّه: "افْتَرَيْت عَلَى اللَّه وَقُلْت عَلَى اللَّه مَا لَمْ يَقُلْ"[xxxvi]
ويواصل الطبري كلامه عن أسباب نزول (سورة الحج 52) القائلة: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته فَيَنْسَخ اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان" قائلا: "قيل إن السبب الذي من أجله أنزلت هذه الآية على رسول الله أن الشيطان كان ألقى على لسانه في بعض ما يتلوه مما أنزل الله عليه من القرآن ما لم ينزله الله عليه فاشتد ذلك على رسول الله واغتم به فسلاه الله مما به من ذلك بهذه الآيات"[xxxvii]
وجاء في تفسير أبو الليث السمرقندي: "قال إبن عباس في رواية أبي صالح أتاه الشيطان في صورة جبريل وهو يقرأ "سورة والنجم إذا هوى" عند الكعبة حتى إنتهى إلى قوله "أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى (النجم 19 - 20) ألقى الشيطان على لسانه: "تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى فلما سمعه المشركون يقرأ ذلك أعجبهم، فلما إنتهى إلى آخرها سجد وسجد المسلمون والمشركون معه، فلما فأتاه جبريل عليه السلام فقال ما جئتك بهذا، فنزل "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ"[xxxviii]
ومهما كانت الآراء بخصوص حديث الغلاانيق، فالثابت بشهادة جبريل أن الشيطان هو الذي أوحي بهذه الآيات إلى محمد. كما أوحي له بسورة الجن كما رأينا سابقا.
المبحث الرابع: سحر محمد
تذكر كتب التراث الإسلامي أن محمدا قد سحر. فجاء في الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار ما يلي: "عن عائشة قالت سحر رسول الله يهودي من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله"[xxxix]
جاء في صحيح البخاري: "عن عَائِشَةَ قالت كان رسول اللَّهِ سُحِرَ حتى كان يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ ولا يَأْتِيهِنَّ قال سُفْيَانُ وَهَذَا أَشَدُّ ما يَكُونُ من السِّحْرِ"[xl]
- وجاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل: "عن عَائِشَةَ قالت لَبِثَ رسول اللَّهِ سِتَّةَ اشهر يَرَى انه يأتي وَلاَ يأتي"[xli]
تعليق: ألا يتصادم ذلك مع ما جاء في (سورة النحل 98 ـ 100) "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، إنما سلطانه على الذين يتولونه (أي يولونه على أنفسهم) والذين هم به مشركون". فهل معنى هذا أن محمدا كان يولي الشيطان على نفسه، وكان يشرك به حتى كان له عليه سلطان أن يسحره؟
********
إختبارات العابرين والعابرات
(10) تفضل عزيزي المخرج أرنا عمل الله.
(تعرض على الشاشة بعض الاختبارات)
******
المداخلات
(11) والآن إلى الفقرة المحببة لنفسي وهي مداخلاتكم.
الختام
(12) شكرا جزيلا لله، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين ولنرفع صلاة في الختام.
(13) البركة الختامية:
والآن محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم.
وإلى اللقاء في برامج القناة اليومية. سلام معكم. آمين.
1 الكامل في التاريخ ج 1 ص 358، مرجع سابق.
[ii] - الطبقات الكبرى ج 1 ص 197، مرجع سابق.
[iii] - السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون ج 1 ص 407، مرجع سابق.
[iv] - صحيح البخاري ج 1 ص4، مرجع سابق.
[v] - مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 6 ص 152، مرجع سابق.
[vi] - صحيح البخاري الجامع الصحيح المختصر ج 4 ص 1894، (مرجع سابق).
[vii] - السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون ج 1 ص 380، (مرجع سابق).
[viii] - تفسير القرطبي ج18 ص37 لسورة الحشر 16 ـ مرجع سابق.
[ix] - تفسير مقاتل بن سليمان ج3/ص456، مرجع سابق.
[x] - تفسير الرازي لسورة الحج 52 وسورة التكوير 20، مرجع سابق.
[xi] - تفسير السمرقندي المسمى بحر العلوم ج 2 ص 465، مرجع سابق.
[xii] - تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن ج 12 ص 84، (مرجع سابق).
[xiii] - نفس المرجع ج19/ص242 و243 لسورة التكوير 23ـ 25.
[xiv] - السيرة الحلبية ج1 ص408، (مرجع سابق).
[xv] - التفسير الكبير للإمام الرازي ج23/ص47 مرجع سابق.
[xvi] - نفس المرجع ج31 ص68
[xvii] - تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن ج 7 ص 347، (مرجع سابق).
[xviii] - الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج 1 ص 428، مرجع سابق.
[xix] - تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن ج 12 ص 148، (مرجع سابق).
[xx] - تفسير ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ج 3 ص 255، مرجع سابق.
[xxi] - صحيح مسلم ج 4 ص 2167، مرجع سابق.
[xxii] - التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب ج 1 ص 75، (مرجع سابق).
[xxiii] - صحيح ابن خزيمة ج 2 ص 149، اسم المؤلف: محمد بن إسحاق بن خزيمة أبو بكر السلمي النيسابوري الوفاة: 311 ، دار النشر : المكتب الإسلامي - بيروت - 1390 – 1970.
[xxiv] - صحيح مسلم ج 4 ص 2168، (مرجع سابق).
[xxv] - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ج1/ص307، مرجع سابق.
[xxvi] - أعلام النبوة ج 1 ص 220، مرجع سابق.
[xxvii] - نفس المرجع ج 1 ص 220، (مرجع سابق).
[xxviii] - تفسير القرطبي ج19/ص3و4 (مرجع سابق).
[xxix] - التفسير الكبير للإمام الرازي: ج28/ص27و28 (مرجع سابق).
[xxx] - صحيح مسلم ج1/ص332، (مرجع سابق).
[xxxi] - تفسير الماوردي ج6 ص107، مرجع سابق.
[xxxii] - تفسير الطبري ج 26 ص 33، مرجع سابق.
[xxxiii] - تفسير الثعلبي، ج 9 ص 22، مرجع سابق.
[xxxiv] - تفسير مقاتل بن سليمان ج 3 ص 291، (مرجع سابق).
[xxxv] - تفسير الطبري ج17 ص 186و187، (مرجع سابق).
[xxxvi] - تفسير الطبري ج 17/ص 186 و187، عن أسباب نزول "سورة الحج 52"، (مرجع سابق).
[xxxvii] - تفسير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن ج 17 ص 186، (مرجع سابق).
[xxxviii] - تفسير السمرقندي ج2/ص465 (مرجع سابق).
[xxxix] - الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار ج 5 ص 41، مرجع سابق.
[xl] - صحيح البخاري ج 5 ص 2175، (مرجع سابق).
[xli] - مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 6 ص 63، (مرجع سابق).