68ـ تابع جمع القرآن ـ مخازي الجمع الثاني للقرآن
الجمعة 16/11/2012م
(تقديم: جعفر)
(1) المضيف: 1ـ مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (68) من "برنامج معرفة الحق" على الهواء مباشرة، من قناة الفادي الفضائية. ومعنا القمص زكريا بطرس.
أبونا: مرحبا بك، ومرحبا بكل المشاهدين المحبوبين.
(2) المضيف: هل ترفع لنا طلبة في بداية البرنامج؟
(أبونا): بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. احفظني في رضاك باقي أيام عمري، اجذبني من وراك إجذبني وانا أجري، إملأني بالأشواق نحوك حبيب قلبي، متى متى أراك عند انتهاء دربي. وأسألك يا سيدي أن تبارك هذه الحلقة لتكون سبب خلاص للكثيرين. آمين.
(3) المضيف: هل يمكن أن تذكِّرنا بموجز ما كلمتنا عنه في الحلقة الماضية؟
أبونا: أولا: أحب أن أهنئ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر والمسكونة كلها باختيار السماء لقداسة البابا المعظم الأنبا تاوضروس الثاني، ليكون بابا للإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقسية الـ 118 على كرسي مار مرقس الرسول، الرب يجعل عصره عصر البركة والنعمة في كل مجالات الخدمة، ويسحق أعداء الكنيسة تحت قدميه سريعا. آمين.
ثانيا: تكلمنا عن الجمع الأول للقرآن، في عهد أبي بكر الصديق، ورأينا: (1) عدم صدق ما قالة حضرات الشيوخ الأفاضل، من أن القرآن قد جمع من الوثائق التي كتبت في حياة محمد، ورأينا من المراجع الإسلامية التي ذكرناها أن تلك الحجارة التي كتب عليها القرآن لم تنقل مع محمد في الهجرة. (2) ورأيناإضافة آيات لم تكن موجودة، وحذفت آيات شهد لها عمر وثلاثة من زوجات الرسول منهم عائشة. وآيات أخرى كان قد حفظها عبد الله بن مسعود. (ويحسن الرجوع إلى تلك الحلقة على مواقعنا بالإنترنيت).
(4) المضيف: وفيم ستكلمنا في هذه الحلقة؟
أبونا: أولا: أحب أن أشير إلى أنني قد تكلمت عن هذا الموضوع سابقا في حلقة (106) من برنامج حوار الحق بتاريخ 27 فبراير 2009م.
ثانيا: سأتكلم عن الجمع الثاني للقرآن في عهد عثمان بن عفان، (2) وهو ما جاء عنه في كتاب الأزهر(شبهات المشككين في حقائق الإسلام ص 20) حيث قالوا: "مرحلة الجمع الثانية: كانت هذه المرحلة فى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه" (3) وسيكون حديثنا عن مخازي الجمع الثاني للقرآن من خلال تناول المواضيع التالية:
1ـ أسباب الجمع الثاني
2ـ الإصرار على تكليف زيد بن ثابت بهذا الجمع أيضا
3ـ مخازي زيد بن ثابت.
4ـ الآيات المفقودة ثانية (خزيمة)
5ـ الاكتفاء بحرف واحد من القرآن وإلغاء بقية الحروف
6ـ حرق بقية المصاحف بموافقة جميع الصحابة وفي حضورهم.
(5) المضيف: تقول أنه يوجد في الجمع الثاني للقرآن مخازي أيضا بالإضافة إلى ما رأيناه في الجمع الأول في عهد أبي بكر؟
أبونا: الواقع أننا نصدم بالواقع التاريخي المخزي لكل ما يتصل بالقرآن عموما، وبهذا الجمع الثاني علىوجه الخصوص.
(6) المضيف: لقد عودتنا على الأسلوب العلمي في حديثك، فهل يمكن أن تثبت للمشاهدين كلامك هذا بالدليل والبرهان؟ ولنبدأ بالنقطة الأولى من مواضيع هذه الحلقة وهي عن: أسباب الجمع الثاني للقرآن.
أبونا: (1) أنا لا أتكلم إلا بالأدلة الدامغة من الكتب الإسلامية، وهي كثيرة قد لا يتسع لها وقت الحلقة،
(2) وبخصوص سبب الجمع الثاني للقرآن في عهد عثمان، فهذا ما كتبه حضرات الشيوخ الأفاضل في هذا الكتاب (شبهات المشككين في حقائق الإسلام ص 20) إذ قالوا: "السبب الرئيسى فى اللجوء إلى هذا الجمع فى هذه المرحلة هو: اختلاف الناس، وتعصبهم لبعض القراءات، إلى حد الافتخار بقراءةٍ على قراءةٍ أخرى، وشيوع بعض القراءات غير الصحيحة"
(7) المضيف وما هو تعليقك على ذلك؟
أبونا: لنا عدة تعليقات على هذه الجزئية القصيرة، (1) أولا: في قولهم: "السبب الرئيسى فى اللجوء إلى هذا الجمع فى هذه المرحلة هو اختلاف الناس وتعصبهم لبعض القراءات" (2) فالواقع أن هذا اعتراف صريح على اختلاف الناس بشأن القرآن، (3) وهذا ما تقوله كتب التراث فعلا فقد جاء في كتاب (الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ج 1 ص 165 و166) "جَمْعُ عثمان، كان لما كثر الاختلاف في وجوه القراءة حتى قرؤوه بلغاتهم على اتساع اللغات فأدى ذلك بعضهم إلى تخطئة بعض فخشي عثمان من تفاقم الأمر في ذلك، فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مرتِّبا لسوره. واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش محتجا بأنه نزل بلغتهم. وإن كان قد وسَّع قراءته بلغة غيرهم رفعا للحرج والمشقة في ابتداء الأمر [أي أيام محمد]، فرأى [عثمان] أن الحاجة إلى ذلك قد انتهت، فاقتصر على لغة واحدة" وهذا ما يؤكده (فيديو الشيخ حسان 2)
(8) المضيف: هذا كلام غريب. فما هو المعنى المقصود؟
أبونا: يوضح السيوطي في هذا المرجع الذي ذكرناه، شدة اختلاف الناس حول القرآن وخشية عثمان من تفاقم الأمر، أولا: قول السيوطي: "فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد": (1) هذا الكلام غير صحيح، فإن عثمان أمر زيد بن ثابت أن يجمع قرآنا يختلف عن القرائين الأخرى، (2) وإلا لو كان هو نفسه ما كان في تلك المصاحف، لما عالج اختلافات الناس، ولبقيت المشكلة موجودة، (3) والواقع المثبت والمؤكد أنهحرق غيره من القرائين حتى يضع حدا لهذه الخلافات، كما سنوضح بالدليل والبرهان عند الكلام عن حرق القرائين.
ثانيا: وفي قوله: "اقتصر من سائر اللغات على لغة قريش محتجا بأنه نزل بلغتهم": (1) (الواقع أن القرآن [بحسب اعتقادهم] لم ينزل فقط بلغة قريش وحدها (2) وهذا هو الدليل: (كتاب فضائل القرآن لابن كثير ج 1 ص 69) "لم يقم دليل على أن جميع القرآن نزل بلغة قريش، فقد قال الله تعالى: قرآنا عربياً، ولم يقل قرآنا قرشيا"
ثالثا: وفي قول السيوطي: "إن كان قد وسَّع قراءته بلغة غير قريش رفعا للحرج والمشقة في ابتداء الأمر [أي أيام محمد]، رأى [عثمان] أن الحاجة إلى ذلك قد انتهت، فاقتصر على لغة واحدة": (1) هل الله يحرج من الناس فينزل لهم قرآنا على مزاجهم؟ (2) ألم يقل محمد لكل واحد من الذين اختلفوا في القرآن:"هكذا أنزلت؟" (3) و"أن القرآن أنزل على سبعة أحرف"؟ (4) وقد جاء ذلك في (كتاب صحيح البخاري ج 4 ص 1909) وإلينا الشيخ حسان (فيديو الشيخ حسان 3)
(5) وهل من حق عثمان أن يلغي شيئا من قرآن منزل لم يلغها رسول الإسلام؟ (6) وكيف يلغي كلاما مكتوبا في اللوح المحفوظ؟ (7) فكيف يلغي ستة أضعاف القرآن المنزل، لأنه لم تعد الحاجة إليه؟؟ هذا كلام خطير. (8) هل فكر المسلمون في ذلك من قبل؟ يا عزيزي المسلم فكر في كل هذه الأمور من أجل حياتك الأبدية لئلا تعيش مخدوعا.
(9) المضيف: نعود إلى حضرات الشيوخ وما قالوه في صفحة 20. وقد كلمتنا عن السبب الرئيسى فى اللجوء إلى هذا الجمع، فما هو تعليقك على أقوالهم الأخرى؟
أبونا: (1) أحب أن أعلق أيضا على قولهم: (ص 20) "إن اختلاف الناس بلغ إلى حد الافتخار بقراءة على قراءة أخرى" (2) الواقع أنني اندهشت للغاية من محاولة تجميل الصورة، فيقولون: إلى حد الافتخار، (3) والواقع أنهم في كتبهم يقولون: "إلى حد الاقتتال" كما جاء في (الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ج 1 ص 165 و166) "عن أنس بن مالك قال اختلفوا في القراءة على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون". (فيديو الشيخ حسان 4) (4) فتذكرت فيلم: "إني لا أكذب ولكني أتجمل". (5) يا حضرات الشيوخ الأفاضل هل إلى هذا الحد تحرفون التاريخ؟ (6) تحولون حقيقة الاقتتال إلى مجرد أنه افتخار؟ (7) يا لهذا التزييف، فتدلسون على المسلمين حتى لا يصدموا بحقيقة الإسلام. (8) يا أحبائي شيوخ الأزهر الأفاضل لا تفقدوا مصداقيتكم، (9) واعلموا أنني لن أكف عن كشف الزيف في كتاباتكم، حتى يفيق المسلمون على واقع الإسلام المخزي.
(10) المضيف: هذه ملاحظة خطيرة، وهل لك ملاحظات أخرى؟
أبونا: (1) نعم. في قولهم: "أن من أسباب الجمع الثاني للقرآن (ص20) "شيوع بعض القراءات غير الصحيحة": (2) لا حظوا معي هذا التعبير: "شيوع قراءات غير صحيحة". (3) وكلمة "شيوع" تعني: "إنتشار"، (4) أي انتشار قراءات غير صحيحة. أي أن القرآن اختلط فيه الحابل بالنابل. (5) ثم أوجه سؤالي لحضرات الشيوخ الأفاضل: على أي أساس حكمتم أنها غير صحيحة؟ (6) أي ما هو التحقيق العلمي لإثبات أنها غير صحيحة؟ (7) لا تنسوا يا أصحاب الفضيلة أنكم جميعا من حملة درجة الدكتوراة، وهذا يحتم عليكم تناول المواضيع بطريقة علمية، ومنهج علمي. (8) فأتوا لنا بالدليل والبرهان على أنها كانت غير صحيحة. (9) وكيف يتسنى لكم ذلك الآن وقد حرقها الخليفة النابه عثمان بن عفان؟ (فيديو الشيخ حسان 5)
(10) ألا يحتمل أنها كانت هي القراءة الصحيحة، ولكن لأنها لم تتفق مع فكر عثمان فحرقها ليخفي آثار الجريمة. (11) نعم إنها جريمة بكل المقاييس يا حضرات الشيوخ، إذ كان لابد أن يتركها عثمان للأجيال لتحكم عليها بنفسها وتختار الأصوب. (12) أم أن الحقيقة مرة، وهي: أنه ليس في الإسلام تفكير حر أواختيار شخصي؟
(11) المضيف: ذكر حضرات الشيوخ قصة "حذيفة" كبرهان على الاختلاف حول القرآن. فهل توضح ذلك للمشاهدين؟
أبونا: (1) هذا بالفعل قولهم الذي جاء في (ص 20 أيضا) "وهذا ما حمل حذيفة بن اليمان على أن يفزع إلى أمير المؤمنين عثمان ابن عفان، ويهيب به أن يدرك الأمة قبل أن تتفرق حول القرآن كما تفرق اليهود والنصارى حول أسفارهم المقدسة. فنهض رضي الله عنه للقيام بجمع القرآن فى "مصحف" يجمع الناس حول أداء واحد متضمنًا الصلاحية للقراءات الأخرى الصحيحة" (2) ونسمع الشيخ محمد حسان وهو يحكي هذه القصة بأكثر تفصيل (الشيخ حسان 6)
(12) المضيف: وما رأيك في هذا الكلام؟
أبونا: لي عدة تعليقات أيضا: أولا: قصة حذيفة بالفعل هي برهان على مدى شيوع أو انتشار الاختلافات بين المسلمين حول القرآن.
ثانيا: في قول حذيفة: "كما تفرق اليهود والنصارى حول أسفارهم المقدسة" (1) هذا كلام غير صحيح،فالواقع أننا لم نختلف ولم نتقاتل بسبب الكتاب المقدس، (2) فقد حدث هذا الاقتتال حول القرآن فقط. (3) فلا يصح استخدام النصارى كشماعة للادعاءات الباطلة.
ثالثا: في قولهم: "جمع القرآن فى "مصحف" ... متضمنًا الصلاحية للقراءات الأخرى الصحيحة": (1)لم يشرح لنا حضرات الشيوخ الأفاضل كيف تحقق أن يكون مصحف عثمان متضمنًا الصلاحية للقراءات الأخرى الصحيحة؟ (2) فمن المعروف والمؤكد أن مصحف عثمان احتوى على حرف واحد من الحروف السبعة فقط التي أنزل عليها القرآن (3) كما جاء في كتاب (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن سعد الزرعي ص16) "قال ابن القيم الجوزية: "جَمَعَ عثمان الناسَ على حرف واحد من الأحرف السبعة"(4) فيا حضرات الأفاضل يا شيوخ الإسلام، رأفة بشعبكم الذي يتوقع أن يأخذ الحقيقة من أفواهكم، (5) فهذه مسئوليتكم قدموا له الحقيقة خالصة ولو مرة واحدة ليصل الناس إلى معرفة الحق فيتبعوه . (6) ارحموا شعبكم من الضلال، وارحموا أنفسكم من التضليل.
(13) المضيف: كان هذا عن النقطة الأولى في موضوع اليوم عن: سبب الجمع الثاني للقرآن في عهد عثمان بن عفان. ونأتي إلى النقطة الثانية في موضع حلقتنا كما سبقت ووضحت لنا. فماذا عن تكليف زيد بن ثابت بهذا الجمع أيضا.
أبونا: هذا ما قاله حضرات الشيوخ في (ص20 أيضا) "وندب لهذه المهمة الجليلة رجلاً من الأنصار (زيد بن ثابت) وثلاثة من قريش: (عبد الله بن الزبير، سعد بن أبى وقاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام) (فيديو الشيخ حسان 2)
(14) المضيف: وهل لك تعليق على ذلك؟
أبونا: نعم، لي عدة تعليقات: (1) لماذا الإصرار على تكليف هذا الشخص زيد بن ثابت، للجمع للمرة الثانية، رغم اعتراض عبد الله بن مسعود وآخرين عليه؟ (2) ولماذا للمرة الثانية يهملون الأربعة الحفاظالكبار الذين زكاهم محمد نفسه لأخذ القرآن منهم، وهم كما جاء في) صحيح البخاري ج 4 ص 199)"عن رسول الله قال: استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وأُبَيِّ بن كعب، ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة". وقد سمعنا الشيخ حسان في الحلقة السابقة ونسمعه ثانية (فيديو الشيخ حسان 7) (3) ألا يدل ذلك على مخالفة كلام الرسول؟ (4) ألا يُشْتَم من ذلك رائحة غريبة لسر لازال مخفيا، ننادي بحتمية البحث عنه وإعلانه على الملأ؟
(15) المضيف: هذه أسئلة منطقية تفرض نفسها على العقل. ولكن ذكر حضرات الشيوخ عدة امتيازات لزيد بن ثابت تجعله جديرا للقيام بهذه المهمة. فما رأيك فيما قالوه؟
أبونا: أولا: جاء ذلك في (ص20) "زيد بن ثابت قد تحققت فيه مؤهلات أربعة للقيام بهذه المسئولية وهى: (1) كان من كتبة الوحى فى الفترة المدنية. (2) كان حافظًا متقنًا للقرآن سماعًا مباشرًا من فم رسول الله. (3) كان هو الوحيد الذى حضر العَرْضَة الأخيرة للقرآن من النبى عليه الصلاة والسلام على جبريل عليه السلام. (4) كان هو الذى جمع القرآن فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه"
ثانيا: وتعليقاتي على ذلك: (1) بخصوص ميزة زيد الأولى أنه كان من كتبة الوحى فى الفترة المدنيةأقول أما عبد الله بن مسعود كما جاء عنه في (صحيح بن حبان ج15 ص537) "كان عبد الله بن مسعود سادس ستة، ما على ظهر الأرض مسلم غيرهم" وكان ذلك في مكة، أي قبل الفترة المدنية التي اقتصر زيد عليها. (2) أما عن الميزة الثانية: كان حافظًا متقنًا للقرآن سماعًا مباشرًا من فم رسول الله. أقول أنعبد الله بن مسعود كان أحفظ منه بشهادة محمد نفسه كما جاء في: (مسند أحمد ج1 ص7) "قال رسول الله: من سرَّه أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأه على قراءة بن أم عبد" [أي عبد الله بن مسعود] (3) أما قولهم أن زيد "كان الوحيد الذى حضر العَرْضَة الأخيرة للقرآن من النبى على جبريل" أكتفي ردا على ذلك بما جاء في: (الطبقات الكبرى ج 2 ص 195) "حتى إذا كان العام الذي قبض فيه رسول الله نزل جبريل فأقرأه القرآن مرتين قال عبد الله فقرأت القرآن من في رسول الله ذلك العام والله لو أني أعلم أن أحدا أعلم بكتاب الله مني .. لركبت إليه، والله ما أعلمه" (4) ويؤكد ذلك ما جاء في (فتح الباري شرح صحيح البخاري لأبي الفضل العسقلاني ج 9 ص 44) "يقولون إن قراءتنا هذه هي العَرْضَة الأخيرة ومن طريق مجاهد عن بن عباس قال أي القراءتين ترون كان آخر القراءة قالوا قراءة زيد بن ثابت فقال: لا إن رسول الله كان يعرض القرآن كل سنة على جبريل فلما كان في السنة التي قبض فيها عرضه عليه مرتين وكانت قراءة بن مسعود آخرهما" (5) فيا حضرات الشيوخ الأفاضل لا تحاولوا تغيير الحقائق وتزييف التاريخ.
(16) المضيف: وماذا عن ما قالوه بخصوص ميزة زيد الرابعة؟
أبونا: الميزة الرابعة التي قالوها هي "أنه كان هو الذى جمع القرآن فى خلافة أبى بكر" أقول تعليقا على ذلك: أولا: ما هو الداعي إذن لجمع آخر للقرآن بواسطة زيد نفسه؟ من أفواه شهود آخرين؟
ثانيا لماذا لم يكتف بما جمعه أيام أبي بكر؟
ثالثا: وهنا نثير قضية خطيرة: هل كان المصحف العثماني مجرد نسخة عن مصحف أبي بكر؟ هذا لا يمكن قبوله بهذه البساطة لأمور كثيرة: (1) لأن جمع أبي بكر اشتمل على الأحرف السبعة، ومصحف عثمان ينقص عنه بستة أضعاف، إذ أنه لم يحتوى إلا على حرف واحد كما جاء في كتاب (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن سعد الزرعي ص16) "جَمَعَ عثمان الناسَ على حرف واحد من الأحرف السبعة"فكيف يصح القول أن المصحف العثماني كان مجرد نسخة عن جمع أبي بكر؟! (2) نفس رواية البخاري تحكي طعن عثمان بمصحف أبي بكر الذي وصل عند حفصة وعدم رضاه بما فيه كما جاء في (صحيح البخاري ج 4 ص 1908) "قال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم". فكيف يكون مصحف عثمان نسخة عن جمع أبي بكر؟! (3) إضافة إلى ذلك فإن زيد بن ثابت هو الذي قام بجمع مصحف أبي بكر فلو كان المصحف العثماني نسخة عما في مصحف أبي بكر لكان زيد هو المرجع في تحديد المكتوب في مصحف أبي بكر، لا أن يقول عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم". (صحيح البخاري ج 4 ص 1908) ونسمعه من الشيخ حسان (فيديو الشيخ حسان 8)
(4) وزيد لم يكن قرشيا بل مدنيا، فقول عثمان في حال النزاع، هو في الحقيقة إلغاء لمرجعية مصحف أبي بكر الذي كتبه زيد، فصارت الأولوية لرجال قريش على مصحف أبي بكر، فكيف يكون المصحف العثماني نسخة عن مصحف أبي بكر؟ (5) وهنا نتساءل: هل اُتُّخِذ من قصة الجمع الجديد وسيلة لإجراء تغييرات في الأصل، ثم حرق الأصول ليبقى ما غيَّروه وكأنه القرآن الأصلي؟ هذا مجرد تساءل لما يثيره الكلام من شبهات. فأجيبونا يا حضرات الشيوخ الأفاضل بالعقل والمنطق والدليل والبرهان.
(17) المضيف: نأتي إلى العنصر الثالث من حلقة اليوم عن مخازي زيد بن ثابت، فماذا تريد أن تقول؟
أبونا: (1) طالما أورد حضرات الشيوخ الأفاضل في هذا (الكتاب ص 20) عن ميزات زيد بن ثابت التي جعلت عثمان أن يكلفه بالإشراف على جمع القرآن، (2) كان لزاما عليهم بحسب المنهج العلمي أن يذكروا مخازي زيد بن ثابت ويناقشوا الأمر موضوعيا (3) هل كان زيد بن ثابت يستحق فعلا أن يضطلع بجمع القرآن وهو بهذه الصفات والأخلاق المخزية؟
(18) المضيف: ماذا قيل عن مخازي زيد بن ثابت في المراجع الإسلامية؟
أبونا: قيل الكثير ونكتفي بما يلي: (1) جاء في (الترمزي في سننه ج3 ص 285) "ذهب أكثر أهل العلم في توريث ذوي الأرحام، وأما زيد بن ثابت فلم يورثهم، وجعل الميراث في بيت المال". [فهل هذه عدالة أو إنصاف؟] (2) وفي (الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 276) "أن مروان دعا زيد بن ثابت، وأجلس له قوما خلف ستر، فأخذ يسأله وهم يكتبون ففطن زيد، فقال: يا مروان، أ غـدراً؟ إنـما أقول برأيي" [ففيهذا النص اعتراف من زيد بتقوله على الله، واتهام من يكتب ذلك عنه بالغدر]. (3) وفي (المعجم الكبير للطبراني ج 25 ص 129) "عن طاوس قال :كنت مع ابن عباس إذ قال له زيد بن ثابت: أنت تفتي أن ترجع الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟ قال: نعم. قال: فلا تَفْتِ بذلك. فقال ابن عباس: سل فلانة الأنصارية هل أمرها بذلك النبي؟ قال: فرجع إليه زيد بن ثابت يضحك ويقول: ما أراك إلا قد صدقت!" (4) وفي (المعجم الكبير للطبراني ج 5 ص42) أن عمر ابن الخطاب عندما بلغته فتوى عن زيد في مسألة، قال له عمر: "يا عدو نفسه! أنت تضل الناس بغير علم!".
(19) المضيف: مش معقول، إنها بالحق مخازي مريبة. وهل توجد مخازي له أخرى؟
أبونا: (1) جاء في (السنن الكبرى للبيهقي ج10 ص136): "حدثنا الشعبي قال: كان بين عمر بن الخطاب وبين أبي بن كعب تداري في شيء، وادعى أبيُّ على عمر، فأنكر ذلك فجعلا بينهما زيد بن ثابت، فأتياه في منزله فلما دخلا عليه قال له عمر: أتيناك لتحكم بيننا وفي بيته يؤتى الحكم. فوسع له زيد عن صدر فراشه فقال: ههنا يا أمير المؤمنين. فقال له عمر: لقد جُرت في الفتيا، ولكن أجلس مع خصمي. فجلسا بين يديه فادعى أبيُّ وأنكر عمر، فقال زيد لأبيِّ: أعفِ أمير المؤمنين من اليمين وما كنت لأسألها لأحد غيره". من هذا يتضح أن زيدا كان لا يساوي بين المتخاصمين في المعاملة فيكيل بالمكيالين ويتودد للأمراء دون الناس، والأدهى طلبه من خصم الخليفة إعفاء الخليفة من اليمين!! وهذه كلها خصال منافية للعدالة بكل المقاييس. (2) وجاء في (كتاب المغني لابن قتادة ج 10 ص 412) و(سنن سعيد بن منصور ج 2 ص 92) نوع آخر من أحكام زيد بن ثابت: "كانت لزيد بن ثابت جارية فارسية يطأها، وكان يعزل عنها فجاءت بولد، فجلدها، وأعتق الولد! وقال: ممن حمّلت؟ قالت: منك! فقال: كذبت، وما وصل إليك مني ما يكون منه الحمل .. إلا أني استطبت نفسك [أي تمتعت بجسدك]". لا يحتاج الأمر إلى تعليق (3) وجاء في كتاب (الدر المنثور ج3 ص269) "أن عمر بن الخطاب قرأ (سورة التوبة100) "وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ" فرفع الأنصار ولم يلحق الواو في (الَّذِينَ) فقال له زيد بن ثابت: (والَّذِينَ) فقال عمر: (الَّذِينَ) فقال زيد: أمير المؤمنين أَعْلَمْ!!. فقال عمر: ائتوني بأبيِّ بن كعب فاتاه فسأله عن ذلك، فقال أبي: (والَّذِينَ) فقال عمر: نعم. إذن فتابِع أُبَيَّا" [التعليق]: 1ـ لو كان عمر يرى مصداقية كلام زيد لما انصرف عنه إلى أبي بن كعب وطلب رأيه. 2ـ أفبعد هذا كله يوثق بجمع زيدٍ هذا؟ وكيف يضرب باعتراض ابن مسعود عرض الحائط؟ فهل كان يستحق أن يكلف شخص بهذه الصفات والأخلاق أن يضطلع بجمع القرآن؟
(20) المضيف: الوقت يدهمنا، فقد ناقشنا ثلاثة نقاط من الست نقاط التي قلت أنك ستتكلم عنها اليوم، لكن نستسمحك أن نرجئ البقية للحلقة القادمة بمشيئة الله.
أبونا: آمين بمشئة الله.
(21) المضيف: 1ـ شكرا لله. 2ـ هل يمكن تلخيص ما قلته في هذه الحلقة؟
أبونا: تكلمت عن مخازي الجمع الثاني للقرآن من خلال تناول المواضيع التالية:
1ـ أسباب الجمع الثاني
2ـ الإصرار على تكليف زيد بن ثابت بهذا الجمع أيضا
3ـ مخازي زيد بن ثابت.
وسوف نستكمل بقية العناصر الحلقة القادمة بمشيئة الله.
(22) المضيف: شكرا، هل يمكن أن نخرج فاصل قصير، ثم نعود
الفاصل
(23) المضيف: 1ـ مرحبا بكم مجددا أيها الأحباء. (2) هل يمكن تذكر لنا موجز ما تكلمنا عنه في الفترة الأولى؟
أبونا: تكلمت عن مخازي الجمع الثاني للقرآن من خلال تناول المواضيع التالية:
1ـ أسباب الجمع الثاني
2ـ الإصرار على تكليف زيد بن ثابت بهذا الجمع أيضا
3ـ مخازي زيد بن ثابت.
وسوف نستكمل بقية العناصر الحلقة القادمة بمشيئة الله.
(24) المضيف: هل يمكن أن نأخذ بعض المداخلات؟
أبونا: آمين.
مداخلات
الختام
(25) المضيف: 1ـ شكرا جزيلا لله، 2ـ وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين وإلى اللقاء في حلقاتنا القادمة. 3ـ تفضل لنصلي من أجل من طلبوا أن نذكرهم.
أبونا: (1) أشكرك شكرا جزيلا، (2) صلاة لأجل الطالبين (3) محبة الله الآب ونعمة الإبن الوحيد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وشركة الروح القدس تكون معكم، إمضوا بسلام سلام الرب مع جميعكم. آمين.
